يتكلمون في الكواليس عن خطوط حمراء، خطوط حمراء متحركة في كل مرحلة زمنية مختلفة.
في البدايات كانت هذه الخطوط واضحة، تحت عنوان واحد، قدرة الردع.
جبهة إسناد لغزة المظلومة، والمعركة محصورة في مناطق معينة على الشريط الحدودي الجنوبي.
ثمّ بدأت الخطوط تتحرك تدريجياً نحو وسط الجنوب والضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، ثمّ توسعت تدريجياً نحو محافظات أخرى في لبنان، من البقاع إلى جبل لبنان والشمال وصولاً للحدود اللبنانية-الشامية في الشرق وأقصى الشمال الشرقي والغربي.
إبتدأت عندما تم إستهداف نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، العاروري، وكرّت المسبحة عندما لم يكن الرد على مستوى الفعل.
اليوم وبعد أن تحركت كما قلنا وكتبنا سابقاً، تلك الخطوط العريضة لتصبح هزيلة، غير مرئية، سوى للمتابع الحثيث، لكنها لا تزال موجودة “بإرادة العدو وليس بقرارنا الذاتي”.
اليوم ، لا تزال البنية التحتية الأساسية من جسور وطرقات مفتوحة أمام الناس، لا تزال شركات الكهرباء والمياه والنقل والاتصالات تعمل و لو جزئيا، لا يزال المطار والمرفأ والمرافق العامة مفتوحة للجميع، وكما كتبنا، إنها وديعة يتركها العدو نواة لحلفائه في الداخل، دولة لبنان الصغير، (صغير لأنه سيتم تقليص حدوده الجغرافية الحالية، وسيفقد السيطرة على الكثير من المناطق التي يسيطر عليها اليوم)، الذي سيذهب مهرولا، بعد تغيير الداخل السياسي والسيادي فيه، لإمضاء إتفاقية هدنة ووقف إطلاق النار وبعدها لمعاهدة سلام.
تلك هي الخطوط الحمراء، التي يراهن عليها العدو الخارجي والداخلي، التي يمكن أن تتحول قريبا، أي أن تسقط نهائيا، نظراً للصمود الأسطوري، والمعجزات العسكرية التي يسطرها أبناؤنا وإخواننا ومجاهدينا في الجنوب اللبناني.
لن يسلم العدو، بعد إنسحابه، أو في حال ذهابه إلى تسوية سياسية، بلدا فيه أدنى مقومات الحياة.
لذلك لمن في الداخل، يراهن على صدق وعود العدو، من تسليمهم دولة لبنان الصغير في المرحلة المقبلة، بعد تطهيره من كل معارض لمشروعهم الشرق الأوسطي الجديد، فهو واهم، ورهانه ضد أبناء جلدته هو خاطئ كالعادة.