توجّهت السيدة نازك رفيق الحريري، في الذكرى العشرين لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، بـ”تحية إكبار وشوق وحنين لروحه الطاهرة، روح رفيق عمرها ودربها، روح شهيد الوطن ورجل الدولة الاستثنائي صاحب المبادرات الصائبة والحلول المبتكرة مُجَدّدةً العهد والوفاء للحاضر الأكبر في هذه الأيام الصعبة التي نمر بها”.
وقالت: “أين أنت يا رفيق عمري ودربي، أفتقد ربّ العائلة الكبيرة والصغيرة، الزوج المحب المخلص، الأب الحنون الحاضن، أفتقد الزعيم الوطني الجامع. لو كان للشوق فمٌ لتكلّم عن لوعة البعاد. ولكن، أيّ كلامٍ يصحّ في بعدك يا رفيق العمر والدرب، وأيّ نطقٍ يروي حرقة الفراق، يا شهيد الوطن الذي دوّنت حكايتك في كتاب الحياة وحفرت ذكراك في الإنسان والبنيان. آمنت بالله وأخلصت للوطن. كنت دائماً تقول قضيّتك قضيّة وطنٍ اسمه لبنان، قضيّتك هي الحريّة والسيادة والاستقلال، قضيّتك هي البناء والإعمار والتنمية لبلدنا الحبيب لبنان. وضعت للمستقبل حجر زاوية سمّيته كرامة الإنسان. كانت رؤيتك سلاماً، ومشروعك زرع البسمة على شفاه الناس. كنت بارعاً في تنفيذ المشاريع، وفي تحقيق الأحلام”.
أضافت: “كنت دائماً تردّد أن كلّ خطأٍ يمكن أن يُغتفر، إلا أن يبقى لبنان كما هو أسير الخراب. وإنّ مقياس الوطنيّة، هو العطاء والبناء، وإزالة آثار الحرب عن اللبنانيين. فعمَّرْتَ البلد بدءاً بالبنى التحتية، والوسط التجاري الذي كان مَثَلاً يُحتذى به عربياً، والمدينة الرياضية التي افْتُتحَتْ من خلال مهرجانات بيروت التي أترأسها. والمدارس والجامعات التي عَلَّمْت فيها أكثر من 36 ألف طالب وطالبة ليكون سلاحهم العلم والثقافة والمعرفة، وأقمت المستوصفات ومستشفى رفيق الحريري الحكومي. أهّلت مطار رفيق الحريري، وجْهة لبنان السياحي علماً بأنهم اعترضوا عليه ظناً منهم أنه ليس من الأولويات بينما في الوقت الحاضر، ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا الحبيب لبنان، يسعون لتوسيعه بشتى الطرق. دولة الرئيس، صدق فيك القول إنك رجل في دولة ودولة في رجل”.
وتابعت: “أتذكّر حواراً دار بيني وبين الرئيس الشهيد رفيق الحريري عن خوض المعترك السياسي. كنت أحاول أن أقنعه بأن يكمل النهج الوطني الذي اتّخذه هدفاً أساسيّاً، بعيداً عن السياسة ظنّاً أنّه الأفضل والأجدر لخدمة الوطن. لكنه كان يقول دائماً إنّ السياسة هي وسيلةٌ وليست هدفاً. وهذا ما قاله أيضاً فخامة الرئيس العماد جوزاف عون بأنه جاء للعمل وطنياً وليس سياسياً”.
وقالت: “عندما أتحدث عن شهيدنا الكبير الرئيس رفيق الحريري مع المحبين والأصدقاء الذين يطلبون مني تدوين كتاب عن كافة الأمور والأحداث التي مرّت علينا ليخبروا أولادهم وأحفادهم عن هذا الرجل الاستثنائي الذي بعد مرور 20 عاماً على غيابه ما زالت أعماله محفورةً في قلوبهم ونفوسهم، فأجاوبهم بأن حبر قلمي قد جف وأن أيّ كتاب لا يفي حق رفيق عمري بل يحتاج إلى موسوعة تروي من هو رفيق الحريري الظاهرة غير الطبيعية المليئة بالمحبة والعطاء والتفاني منذ بداية حياته حتى الشهادة”.
أضافت: “لقد أنجزنا اليوم استحقاقاً وطنياً كبيراً بانتخاب العماد جوزف عون رئيساً جامعاً لوطننا الحبيب لبنان واجتزنا استحقاقاً حيوياً بالاتفاق على حكومة وطنية برئاسة دولة الرئيس القاضي نواف سلام بحمد الله. فالمطلوب منا أن نتحمّل جميعاً مسؤوليّة إنجاح هذا الاستحقاق الوطنيّ البالغ الأهميّة. ونشدّ العزم، ونمدّ جسور الحوار والتواصل بيننا، ونتعالى على التجاذبات والاصطفافات السياسيّة التي تهدّد استقرارنا وسلمنا الأهليّ. فبمشيئة الله عزّ وجلّ، وبعملنا الدؤوب، سوف يتحقق الحلم ليصبح لبنان تماماً كما أراده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بوابة ولؤلؤة الشرق وأيقونة الحضارة والثقافة والإبداع والتفوّق في تاريخ الأمم وعلى خريطة الدول الراقية، لأننا نتطلّع إلى مرحلة جديدة يجتمع فيها اللبنانيون مجدداً على ثوابتهم تحت لواء الدولة وحكومة الوحدة الوطنية، مرحلة ترتكز على تدعيم البناء الوطني، والحفاظ على النظام الديموقراطي، وتعزيز التعاون من أجل النهوض بلبنان وإعادة تأكيد دوره وحضوره على الخريطة العربيّة والإقليمية والعالمية بالتعاون مع دول الخليج المحبّة والمجتمع الدولي”.
وناجت السيدة نازك رفيق الحريري الرئيس الشهيد قائلة: “كُن مطمئناً يا رفيق العمر والدرب فلبناننا سيبقى كما عرفته وأردته عصيّاً على الشقاق ومساعي الفتن، يطوي صفحات سوداً ليكتب سطوراً بيضاً على صحف المحبّة بين الإخوة في الوطن وفي الأمة”.
وختمت: “لعل آخر الكلام دعاء نرفعه للمولى عزَّ وجلَّ أن يحفظ وطننا الحبيب لبنان وشعبه الطيب، وأن يرحم الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر شهداء الوطن الأبرار، ويتغمّدهم بواسع الرحمة والمغفرة إن شاء الله”.