في 8 شباط، وتحت عنوان “بركات مار مارون”، بشّر رئيس البرلمان نبيه برّي بتأليف حكومة الرئيس نواف سلام، وأكد ارتياحه حيال تشكيل الحكومة الجديدة. وفي حديثه مع زوّاره، أشار إلى أهمية البيان الوزاري الذي سيُحال إليه بعد إقراره، حيث سيحدد موعد الجلسة التي ستشهد مثول الحكومة أمام البرلمان لنيل الثقة. لكن برّي شدد على أنه لا يوجد اتفاق مسبق على تفاصيل البيان الوزاري سوى “أولوية مصلحة البلد”، ما يضع الإصلاحات في رأس الأولويات، وأبرزها معالجة الودائع المالية. وعلى عكس المعتاد، حيث تمنح الحكومات الجديدة عادة فترة سماح مدتها مئة يوم، أكد برّي لموقع “أساس ميديا” أنه لن يمنح الحكومة أي فرصة إضافية، وأنه لا وقت لديها لتضييعه، داعياً إياها إلى مباشرة العمل فوراً لتحقيق النجاح، مع ضرورة تقديم الدعم لتحقيق هذا الهدف. وفيما يتعلق بمسألة “المقاومة”، أوضح برّي أنه لا يوجد أي خلاف أو مشكلة حول بند المقاومة في البيان الوزاري. وأكد أن حق الدفاع عن النفس واحترام المواثيق الدولية هو حق مشروع، معتبراً أن من يتحدث عن معادلة “جيش، شعب، مقاومة” يفتعل مشكلة غير موجودة في الأساس. وأوضح أنه لم يتم ذكر هذه المعادلة في أي بيان وزاري حكومي سابق. على صعيد آخر، سجل برّي بعض المآخذ على الحكومة الجديدة، حيث اعتبر أنه كان من الممكن استيعاب بعض الفرقاء مثل تيار المردة والتيار الوطني الحرّ وكتلة الاعتدال الوطني في الحكومة، مشيراً إلى أن الحكومة تعتمد على تمثيل مسيحي مقتصر على حزبين هما القوات اللبنانية وحزب الكتائب، معتبراً أن الوزراء المسيحيين الآخرين جاءوا عبر حصتي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وفي هذا السياق، أشار إلى أن وزيرَي القوات اللبنانية لم يتم تسميتهما بشكل علني، بينما حصل حزب الكتائب على وزير واحد. وفيما يتعلق بالتمثيل السنّي في الحكومة، قال برّي إن الوزراء السنّة هم جزء من “حصّة كبيرة” من دعم القوى الخارجية في تشكيل الحكومة، وأضاف أن “الحكومة الحالية لا تضمّ ثلثاً معطّلاً، ويجب أن تنتهي هذه الظاهرة التي أوجدها الانقسام الحاد في لبنان في الماضي”. مع ذلك، سجّل برّي مآخذ ثلاثة على الحكومة الجديدة لم يرَ سبباً فيها لاستبعاد ثلاثة أفرقاء لهم حضورهم هم تيّار المردة والتيار الوطني الحرّ وكتلة الاعتدال الوطني: “كان في الإمكان استيعابهم وتتّسع لهم الحكومة. الظاهر أنّها تتّكل في التمثيل المسيحي على حزبين فقط هما القوات اللبنانية وحزب الكتائب. الأوّل حصل على أربعة وزراء لم يسمّهم، والثاني على وزير واحد. المفارقة أنّ الوزراء المسيحيين الآخرين السبعة كانوا في حصّتَيْ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذي احتكر لنفسه المقاعد السنّيّة كلّها”. عندما قيل له إنّ الرئيس رفيق الحريري كان بدوره يحتكر التمثيل السنّيّ، أجاب رئيس المجلس: “صحيح، لكنّه كان قابضاً عليهم جميعهم”. في المقابل يؤكّد برّي، وهو متيقّن من تماسك التضامن الحكومي، أن “لا ثلث معطِّلاً بعد الآن. ليس في الحكومة ثلث معطِّل، ويُفترض أن لا يكون بعد اليوم. أوجده الانقسام الحادّ بين اللبنانيين في الماضي، فأصررنا عليه من أجل تحقيق التوازن الداخلي. هذا الانقسام لم يعد الآن، ولا أحد في حاجة إلى ثلث معطّل وينبغي أن ننتهي منه إلى الأبد. نحن في مرحلة لَمّ البلد”. وفيما يتعلق ببعض الاستحقاقات التي تثير قلقه، أشار برّي إلى التحديات المقبلة التي يجب إيلاء اهتمام خاص بها: _الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان: برّي عبر عن قلقه من أن إسرائيل قد تماطل في الانسحاب من خمس نقاط جنوب لبنان بعد 18 شباط، وهو ما يشكل إخلالاً بالاتفاق المعقود مع إسرائيل تحت رعاية الأميركيين. برّي دعا الأميركيين إلى فرض الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية وأكد على ضرورة تطبيق بنود الاتفاق المتعلقة بوقف النار وانتشار الجيش اللبناني. _الأحداث على الحدود الشرقية: عبر برّي عن قلقه بشأن الأحداث الجارية على الحدود الشرقية مع سوريا، مشيراً إلى أن هذه الأحداث قد تكون محاولة لإحياء مشروع قديم يتمثل في نشر قوات دولية على الحدود بين لبنان وسوريا. _تعديل قانون الانتخاب: برّي أكد ضرورة تغيير أو تعديل قانون الانتخاب الحالي الذي لم يعد قابلاً للاستمرار بعد انتخابات 2018 و2022. وأشار إلى أن القانون يحتاج إلى تعديل، خاصةً من خلال إضافة صوت تفضيلي ثانٍ للتخلص من الطائفية والمذهبية التي تسيطر على النظام الانتخابي في لبنان. وفي الختام، شدد برّي على أهمية هذه التحديات في المرحلة المقبلة وأكد أن الحكومة الجديدة تقع على عاتقها مسؤولية تنفيذ الإصلاحات العاجلة، مشيراً إلى ضرورة التعاون مع المجتمع الدولي من أجل تحقيق الأهداف الوطنية.