More

    مسيحيو العراق يطالبون بقانون خاص للأحوال الشخصية

    طالبت القوى السياسية المسيحية في إقليم كردستان بسنّ قانون للأحوال الشخصية خاص بأبناء الديانة في العراق وكردستان، رداً على إقرار البرلمان العراقي قانوناً جديداً للأحوال الشخصية يعطي الأفراد الحق في اختيار الدين أو المذهب الذي يُمكن أن يطبق على أحوالهم وقضاياهم القانونية. 
    “التحالف المسيحي العراقي”، وهو أكبر تجمع للقوى السياسية المسيحية في إقليم كردستان، حيث يتمركز أغلب مسيحيي البلد راهناً، ومشارك في الحكومة المحلية، وله أعضاء في التشكيلة الجديدة للبرلمان، ناقش خلال اجتماعه الأخير هذا المطلب، وقال في بيان رسمي عقب الاجتماع الموسّع، الذي عقده في بلدة عينكاوا شمال مدينة أربيل: “نطالب بتحقيق مطالب المسيحيين السياسية المشروعة، ومن أبرزها تعديل قانون الأحوال الشخصية، ليشمل جميع الأديان وليس الإسلام فقط”.

    وكان المسيحيون العراقيون يعتبرون القانون المدني العراقي (188لعام 1959) ملبياً بشكل نسبي لحقوقهم المدنية، وإن كان يعتمد نسبياً على التشريعات الإسلامية، خصوصاً في بعض القضايا الإشكالية، مثل الزواج المختلط بين أبناء الديانات المختلفة. لكنهم يعتبرون تشريع القانون البرلماني الجديد بمثابة فتح للباب أمام أبناء جميع الأديان والمذاهب ليتمتعوا بقوانين للأحوال الشخصية خاصة بهم، إذ لا يُمكن –بحسبهم- أن يكون المواطنون المسيحيون مخيرين في اختيار قانون الأحوال الشخصية الخاص بهم، في وقت لا يوجد إلا قوانين خاصة بأبناء الديانة الإسلامية، على مختلف مذاهبهم.

    ويعتمد “التحالف المسيحي” في رؤيته على المادتين 41 و125 من الدستور العراقي، التي جاء في نصها: “العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون”. أما الثانية فجاء فيها: “يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والأشوريين وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون”.

    ويعتبر التحالف أن استنكاف القوى السياسية العراقية عن إقرار القانون هو بمثابة ضغط سياسي وحياتي على المسيحيين، ودفع لهم إلى الهجرة. 
    وكانت القوى السياسية والمرجعيات الدينية المسيحية العراقية قد عقدت مؤتمراً موسعاً في مدينة أربيل، خلصت فيه إلى ضرورة الإسراع في سنّ قانون للأحوال الشخصية خاص بالمسيحيين، مشكّلة لجنة لإعداد مسوّدة ذلك القانون من 11 شخصية دينية وقانونية، تمثّل كل الطيف السياسي والمذهبي الخاص بالمسيحيين، على أن تقدّم تلك المسوّدة إلى المؤتمر المقبل، الذي ستتم دعوة شخصيات سياسية ودولية إليه، لخلق حملة داعمة له.

    الباحث القانوني ريناد بلندي شرح في حديث إلى “النهار” ما أسماها “مأساة غياب قانون مدني موحد للأحوال الشخصية في العراق”، وقال: “بحسب إحصاءاتنا العامة، ثمة على الأقل 23 ديانة ومذهباً في العراق، وأغلبها ليس لديها قوانين أو أعراف دينية واضحة في قضايا مثل الزواج والطلاق والميراث والحضانة، والأغلبية منها لا تقبل بأن تطبق عليها القوانين المستمدّة من الأديان والمذاهب الأخرى. لأجل ذلك، المشكلة ذات منشأ قانوني برلماني، وليس دينياً، لأن المشرع العراقي حينما تغاضى عن حقيقة الانقسام الداخلي واندفع نحو بناء تشريعات مذهبية غير دينية، فرض على غيره من مواطني البلاد إقرار قوانين خاصة، وهو ما سيفتح الباب أمام صراعات أهلية داخلية، لأن من المستحيل التوافق على الجهة والمرجعية المُحكمة، بوجود قضايا متداخلة بين أبناء الأديان والمذاهب المختلفة”. 

    وكان راعي الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم الأب لويس ساكو، قد اقترح إصدار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، معتبراً إياه الحل الوحيد لمعالجة مشكلة التعددية الدينية، وموضحاً بأنه في التفاصيل المتعلقة بقضايا الزواج مثلاً، فإن الأفراد العراقيين مخيرون في تحديد طريقة زواجهم، بعد تنفيذ بنود القانون المدني الموحد. ورأى أن رفض إقرار ذلك، سيجبر المسيحيين على وضع قانون للأحوال الشخصية خاص بهم.  

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img