More

    انتظار مفاوضات مسقط أم استباق نتائجها؟

    لبنان بين ضغط الإصلاحات واستحقاق نزع السلاح

    بينما تتّجه الأنظار إلى مفاوضات مسقط بين إيران والولايات المتحدة، تتفاعل الأسئلة في لبنان حول جدوى انتظار نتائج هذه المحادثات أو استباقها بخطوات داخلية جدّية، لا سيما في ملف نزع سلاح حزب الله.

    مصادر ديبلوماسية تعبّر عن تفهّمها لعدم قدرة لبنان على مجاراة نصيحة المسؤولة الأميركية مورغان أورتاغوس بعدم ربط الملف اللبناني بمفاوضات واشنطن وطهران، خصوصاً وأنه تم تحييد لبنان جزئياً عن السطوة الإيرانية بفعل تراجع نفوذ الحزب داخلياً.

    في المقابل، أبدت إيران رغبتها في إعطاء المحادثات “فرصة حقيقية”، كما أكّد وزير خارجيتها عباس عراقجي بعد الجولة الأولى من المفاوضات، التي من المقرر أن تُستكمل السبت المقبل. إيران تصرّ على حصر النقاش في الملف النووي فقط، مع تجاهل أي طرح يتعلق بنفوذها الإقليمي، وهو ما يبقي لبنان ضمن دائرة التأثر المباشر بمسار المفاوضات ونتائجها.

    واشنطن تضغط… وإسرائيل تترقب

    الولايات المتحدة تسعى بوضوح إلى فصل لبنان عن المسار الإيراني، والضغط لبدء مسار نزع سلاح الحزب قبل انتهاء المفاوضات، بدلاً من انتظار مخرجاتها. من جهتها، تُبقي إسرائيل تركيزها مشدوداً إلى حدودها الشمالية، معتبرة أن الوقت الحالي قد يكون الفرصة الأخيرة لتفكيك الترسانة الموجّهة نحوها من لبنان، بعد أن “قُمعت” اندفاعة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لضرب المنشآت النووية الإيرانية بفعل فيتو أميركي.

    مصادر ديبلوماسية تُذكّر بأن لبنان لا يستطيع تجاهل معطيات الواقع الإقليمي. فحتى وإن كانت النصيحة الأميركية تدعو للفصل، إلا أن الترابط موجود بحكم الواقع، والفرصة سانحة للبنان لكي يستثمر فترة المفاوضات عبر خطوات عملية في الداخل، تبدأ بملف نزع سلاح حزب الله، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام نتائج إيجابية، إذا ما ترافقت مع خطوات إصلاحية طال انتظارها.

    إيران عند مفترق وجودي… ولُبنان أمام فرصة تاريخية؟

    في عُمان، تنقل أوساط أميركية أن الرسالة إلى طهران واضحة: “إما تعديل عقيدة النظام أو مواجهة الانهيار”. النظام الإيراني، وفق مراقبين، في مفترق طرق وجودي، وسط انقسام داخلي حول الأولوية بين التشبّث بعقيدته أو القيام بتعديلات تتيح له البقاء. وبينما تعلن إيران حصر المفاوضات في البرنامج النووي، تظهر على الأرض مؤشرات تفيد بتراجع دورها العسكري الإقليمي، خصوصاً في العراق واليمن.

    أما في لبنان، فإن تسريع مسار نزع سلاح الحزب في هذه اللحظة قد يُتيح له حجز موقع مبكر على طاولة التفاهمات الإقليمية، بدلاً من أن يبقى أسير قرارات تُصاغ خارجه. الضغط الشعبي والسياسي الداخلي آخذ في التصاعد، بالتوازي مع الضغط الدولي، ما يعزّز احتمالات التغيير.

    وفيما أحيت البلاد الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية، أعادت التصريحات الرسمية تسليط الضوء على كلفة الحروب بالوكالة، التي أهدر اللبنانيون فيها حياتهم دون أي مكاسب وطنية. والمرحلة الراهنة، وفق مصادر سياسية، هي مرحلة ضغوط فقط، أما قطف الثمار فسيأتي لاحقاً.

    إصلاحات تحت المجهر… ولكن ماذا بعد؟

    على صعيد موازٍ، تنكبّ الحكومة اللبنانية على استكمال مشاريع القوانين المرتبطة بـالسرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، تحضيرًا لاجتماعات صندوق النقد الدولي في 21 من الشهر الجاري في واشنطن. إلا أن المعلومات تشير إلى أن ملف إعادة إعمار لبنان لم يُدرج بعد ضمن أولويات المؤتمر الإقليمي المزمع عقده، مع إعطاء الأولوية لإعادة إعمار سوريا.

    المرحلة الراهنة باتت مرتبطة بشكل وثيق بمساري نزع السلاح والإصلاحات، وهي النقطة التي ركّزت عليها أورتاغوس خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت. فالعالم يراقب، والحكومة بدأت بإظهار نوايا إصلاحية، لكن الجميع ينتظر خطوات ملموسة في مسار تفكيك الترسانة العسكرية، بما يتكامل مع الإصلاحات الاقتصادية.

    هذه المهمة باتت مسؤولية مشتركة بين الحزب، الذي عليه إثبات انتمائه إلى مصلحة لبنان فقط، وبين الدولة اللبنانية المطالبة بالتحرّك بزخم مماثل لذاك الذي أظهرته تجاه صندوق النقد. وبين الرهان والضغط، يبقى الخيار للبنان: الانتظار أم المبادرة؟

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img