قانون تنظيم اللافتات عمره 10 أعوام ولا يُطبّق!
أقدمت شرطة بيروت مؤخرًا على إزالة عدد كبير من الشعارات الحزبية والصور واللافتات من الأماكن العامة، تنفيذًا لتعليمات صادرة عن وزير الداخلية ومحافظ العاصمة. هذا التحرك جاء عقب موجة جدل أثارها رفع لافتات جديدة على طريق مطار بيروت الدولي، استُبدلت فيها الشعارات الحزبية بصور كُتب عليها: “عهد جديد للبنان”، قبل أن يعمد مجهولون إلى إحراق بعضها.
حملة لإزالة الشعارات… واللبنانيون يطالبون بالتوسيع
الخطوة أثارت نقاشًا واسعًا في الشارع اللبناني، وسط دعوات لتعميمها على كافة المناطق اللبنانية من الجنوب إلى الشمال، وتوحيد المشهد البصري تحت راية العلم اللبناني فقط. لكن سرعان ما طُرحت التساؤلات: ماذا يقول القانون في هذا الإطار؟ وهل هناك آليات واضحة تُنظّم رفع اللافتات في الأماكن العامة؟
قانون عمره 10 سنوات… والمخالفات يومية
في عام 2015، صدر قانون تنظيم الإعلانات والترخيص، إلى جانب مرسوم تطبيقي يحدد بدقة كيفية رفع اللافتات والصور، سواء كانت تجارية أو حزبية أو انتخابية.
لكن حتى اليوم، لا تزال المخالفات تُرتكب بشكل يومي، في كل شارع وزاوية وبلدية، دون رادع فعلي أو تطبيق فعّال للقانون.
تفاصيل المرسوم: تراجعات ومسافات وفئات
ينص القانون على التزام شركات الإعلانات بعدة شروط، منها:
- التراجع عن الطريق 1.5 متر على الأقل في حال كانت الطريق دولية أو أوتوستراد، ومتر واحد عن الطرق الداخلية.
- الحفاظ على مسافة فاصلة بين اللوحات وفق تصنيفها:
- 75 مترًا بين اللوحات من الفئتين (أ) و(ب)
- 100 متر بين اللوحات من الفئة (ج)
- 500 متر بين اللوحات من الفئة (د)
المخالفات والرسوم: غرامات أو إزالة على نفقة المخالف
ينص القانون أيضًا على ضرورة دفع الرسوم للبلدية مقابل تعليق اللوحات أو الصور، حتى لو كانت على حائط خاص. أما تعليق الصور على أعمدة الإنارة والكهرباء فهو محظور قانونًا، رغم أنه يُشاهد في عدد كبير من المناطق!
وفي حال المخالفة، تُمنح الجهة المخالِفة مهلة 10 أيام لإزالة اللافتة تحت طائلة قيام الإدارة بذلك على نفقتهم. أما الإعلانات غير القابلة للتسوية، فيجب إزالتها خلال شهر من تاريخ التبليغ، وإلا تُزال على نفقة أصحابها ومسؤوليتهم.
علاقة السياسة بالإعلانات
بحسب أحد المعنيين الذين تابعوا صياغة القانون وتطبيقه، فإن “تنفيذ المرسوم بحذافيره قد يُهدّد مصالح بعض شركات الإعلانات الكبرى، ما يدفعها إلى التحايل عبر النفوذ والوساطات”.
ويضيف: “كثيرًا ما تمنح البلديات تراخيص مخالفة للمعايير القانونية، في إطار علاقات سياسية أو تجارية، مما يقوّض مبدأ المساواة بين المناطق”.
البلديات مستفيدة… فمن يُحاسب؟
البلديات نفسها تستفيد ماليًا من هذه اللوحات، وقد تصل نسبة العائدات إلى 20% من أرباح الإعلانات. ومع ذلك، فإنها أحيانًا تمنح تراخيص مخالفة، مما يطرح سؤالًا كبيرًا:
من يحاسب؟ وأين يبدأ تطبيق القانون؟
الذوق العام في مهبّ الريح
ختامًا، يبقى الرهان على إرادة سياسية وإدارية جدية لتطبيق القانون، ليس فقط لحماية الأملاك العامة وسلامة المواطنين، بل أيضًا للحفاظ على الذوق العام والمشهد البصري للمدن اللبنانية.