في يوم الإعلام العربي، تُحيي الأمة العربية ذكرى هذا اليوم في وقت تشهد فيه فلسطين واحدة من أبشع الحملات المنظمة لاستهداف الحقيقة وصناعها. وبينما تتألم غزة من القصف الصهيوني المستمر، يكشف الواقع عن مشهد كابوسي للإعلام في زمن الحرب، حيث تحولت سترات الصحفيين إلى أهداف واضحة لقناصة الاحتلال الإسرائيلي.
تُشير وثائق الأمم المتحدة إلى أن 92% من الصحفيين الذين تم استهدافهم في غزة قتلوا عمداً، بينما تقف المنظمات الدولية عاجزة أمام تنفيذ قراراتها. الصحفيون الناجون يروون قصصاً مرعبة عن قصف مقرات إعلامية بغارات متتالية؛ الأولى للتحذير، والثانية لضمان القضاء على أي من الصحفيين الذين قد يحاولون النجاة.
وفي هذا السياق، أكد السفير أحمد رشيد خطابي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع الإعلام والاتصال، أن استهداف الصحفيين في غزة يُعد جريمة حرب تستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً. وأوضح أن 210 صحفيين، فلسطينيين وعرب ودوليين، استشهدوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. هذه الأرقام، بحسب خطابي، تمثل سابقة خطيرة في تاريخ الصراعات المسلحة، حيث لم تشهد الحروب السابقة مثل هذا الكم من الاستهداف المتعمد للإعلاميين.
كما أشار السفير خطابي إلى أن سلطات الاحتلال لم تكتفِ باغتيال الصحفيين، بل مارست ضدهم “انتهاكات ممنهجة” تشمل الاعتقال التعسفي، والمصادرة القسرية للمعدات، وحجب المواقع الإخبارية، ومنع وصول الإنترنت، في محاولة لإخفاء جرائمها وإسكات الرواية الفلسطينية.
وأشار إلى أن هذا الواقع يفرض إصلاحات عاجلة لضمان بيئة عمل آمنة للصحفيين في مناطق الصراع، داعياً إلى مراجعة شاملة لآليات حماية الصحفيين وفق اتفاقيات جنيف والقرارات الأممية ذات الصلة.
أبطال الحقيقة والإعلام الفلسطيني
وفي سياق آخر، أشاد السفير خطابي بـ”البطولة الاستثنائية” للإعلاميين الفلسطينيين الذين واصلوا نقل مأساة غزة بمهنية عالية، رغم تعرضهم للقصف والتهديدات. ودعا الإعلام العربي والعالمي إلى دعم “الرواية الفلسطينية” وكشف زيف الدعاية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن الإعلام الفلسطيني أصبح خط الدفاع الأول عن الحقيقة.
كما أعلن السفير أن جائزة التميز الإعلامي لهذا العام ستكون تحت شعار “الشباب والإعلام الجديد”، ودعا الصحفيين وصناع المحتوى إلى توثيق جرائم الحرب عبر منصات التواصل، والمشاركة في كشف “الوجه الدموي للاحتلال”.
أرقام وحقائق صادمة
وفي الوقت الذي تتوالى فيه الانتهاكات بحق الصحفيين في غزة، تُسجل المنظمات الدولية أعلى معدلات في تاريخ الصحافة من حيث الجرائم ضد الإعلاميين. منظمة “مراسلون بلا حدود” أكدت أن 92% من الصحفيين الذين تم استهدافهم في غزة قتلوا عمداً، بينما تواصل إسرائيل استهداف الإعلاميين دون رادع.
من جانبه، أكد الفريق الطبي في مستشفى الشفاء أن 70% من الصحفيين الشهداء تم قنصهم في الرأس أو الصدر، ما يشير إلى استهداف متعمد من قبل قناصة الاحتلال. كما وثقت “المفوضية لحقوق الإنسان” أن 78% من الصحفيين المعتقلين تعرضوا للتعذيب، بما في ذلك التهديدات الجسدية والجنسية والاحتجاز الانفرادي لفترات طويلة.
منظمات حقوقية عديدة، مثل “العفو الدولية” و”مراسلون بلا حدود”، دعت إلى محاكمة قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى الانتهاكات المتعمدة ضد الصحفيين والجرائم المستمرة التي تُرتكب بحقهم.
وفي الختام، تبقى الأسئلة مفتوحة: كم من الصحفيين يجب أن يُقتلوا قبل أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل فعلي لوقف جرائم الاحتلال؟