More

    الجفاف يغزو لبنان… كيف سيكون صيف لبنان!

    لا شك أن هذا العام كان استثنائياً، ليس فقط سياسياً وأمنياً بل أيضاً على صعيد الطقس.
    فالشتاء كان شحيح الأمطار بشكل غير مسبوق، بل يُعدّ الأقل غزارة في سجلات لبنان.
    ونتيجة لذلك، قد نكون أمام كارثة حقيقية هذا الصيف حيث يُخشى أن يطول الجفاف كل بيت لبناني وأن يفتك بالمزروعات أيضاً.
    بالغوص في تفاصيل الأرقام، يقول رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت مارك وهيبة “إن نسبة الأمطار في بيروت لم تتجاوز 48 % من المعدّل السنوي، وفي زحلة بلغت 40 %، أمّا في طرابلس فوصلت إلى نحو 60 % فقط”.
    يربط وهيبة بشكل قاطع بين قلة الأمطار والتغيّر المناخي، لكنه يشير إلى أن الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة غالباً ما تظل غير محدّدة بوضوح.
    وقال: “مع ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي، باتت أنماط الطقس أكثر اضطراباً، ما انعكس على كميات الهطول المطري وتوزيعها الزمني والجغرافي”، مع الإشارة إلى أن “لبنان شهد في صيف 2024 موجة حر قياسية لم يشهدها من قبل”.
    لم يقتصر النقص الحادّ في الأمطار هذا العام على لبنان وحده، بل طال معظم دول العالم.
    لذلك، سلّطت السنة الاستثنائية الضوء على تساؤلات حول إمكانية أن تحمل السنوات المقبلة جفافاً مشابهاً.
    إلّا أن وهيبة يطمئن إلى أن “الشّحّ في الأمطار هذا العام لا يعني أن الأعوام المقبلة ستكون بخيلة أيضاً فالسنة الماضية كان الشتاء كريماً بالأمطار لذلك لا قاعدة محدّدة”.
    باختصار، هذا العام سيكون صعباً على لبنان. فماذا يجب أن نفعل كمواطنين في ظلّ التحديات المرتقبة؟
    يؤكد وهيبة في هذا الإطار ضرورة “ترشيد استهلاك المياه وإعادة استخدام المياه عند الإمكان. مثلاً، يمكن استعمال المياه التي استُخدمت لغسل الفواكه والخضار لريّ المزروعات”.
    ويُعدّ المزارعون من أكثر الفئات تضرراً من قلّة الأمطار حيث ستكبّدهم خسائر مالية فادحة، إذ يؤكد مؤسس شبكة المهندسين الزراعيين في لبنان، المهندس مصطفى غصن أنه “يؤدي نقصها إلى انخفاض منسوب المياه في الخزانات الجوفية، ما يحدّ من كميات المياه المتوفرة.
    وهذا الوضع يهدّد استمرارية بعض الينابيع والأنهار التي يعتمد عليها المزارعون ومربو الماشية كمصادر رئيسية للمياه”، بحسب المهندس غصن.
    وفي ظلّ التوقعات بصيفٍ قاسٍ وجافّ في لبنان، يعتبر المهندس غصن، أن “غياب السياسات الحكومية الفعّالة لمواجهة التغير المناخي ساهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة، إذ لم يتم تبني أساليب الزراعة الذكية التي من شأنها أن تُمكّن المحاصيل الزراعية من التكيّف مع هذه التحوّلات المناخية”.
    ويؤكد المهندس غصن “أهمية اعتماد استراتيجيات ريّ جديدة تقوم على استخدام تقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه، إلى جانب تحسين إدارة الموارد الطبيعية كالأنهار والينابيع، والعمل على إنشاء خزانات وآبار إضافية لتعزيز الأمن المائي”.
    ويرى المهندس غصن أنه على وزارة الزراعة “التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل تدريب المزارعين وتوعيتهم بكيفية الاستخدام الأمثل للموارد المائية، وطرق التكيّف مع التغيّرات المناخية المتسارعة”.
    في لبنان اليوم، حيث يصدق القول المأثور إن “قطرة الماء أغلى من الذهب”، تستعدّ البلاد لمواجهة صيف قاسٍ وجاف ينذر بأزمة مياه حقيقية مع التمني بأن يتجاوز اللبنانيون هذه المحنة بأقل الخسائر الممكنة.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img