More

    ترامب يقلب النظام العالمي بشعار “أميركا أولاً”

    في تحول جديد يعصف بالنظام العالمي الذي ساهمت واشنطن في بنائه عقب الحرب العالمية الثانية، يعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تشكيل السياسة الدولية عبر خطاب توسعي وأجندة قومية تثير قلق الحلفاء وتغري الخصوم.

    ضربة لصورة واشنطن

    يستخدم ترامب خطاباً قومياً توسعياً تجنبه الرؤساء الأميركيون المعاصرون لعقود، في خطوة يرى بعض المحللين أنها قد تمنح الصين ذريعة لغزو تايوان ذات الحكم الذاتي.

    وفي أول مئة يوم فوضوي بعد عودته إلى المنصب، شن ترامب حرباً جمركية عالمية غير مسبوقة، خفّض المساعدات الخارجية، استخفّ بحلف شمال الأطلسي، تبنى رواية روسيا بشأن أوكرانيا، وطرح أفكاراً مثل ضم غرينلاند وجعل كندا الولاية الأميركية الـ51.

    سياسة “أميركا أولاً” المتطرفة

    قال السياسي المحافظ إليوت أبرامز، الذي خدم في إدارتي ريغان وبوش الابن، إن “ترامب الآن أكثر تطرفاً بكثير مما كان عليه قبل ثماني سنوات”.

    وقد أدت أجندة ترامب إلى نفور الحلفاء وإعطاء الجرأة للخصوم، مع إثارة مخاوف عميقة لدى العديد من الحكومات حول كيفية التعامل مع الولايات المتحدة حتى بعد عام 2028.

    مخاوف داخلية وخارجية

    ترافقت سياسات ترامب مع مؤشرات على تراجع الديمقراطية في الداخل، منها الهجمات اللفظية على القضاء، والضغط على الجامعات، وحملات ترحيل المهاجرين إلى سجون سيئة السمعة.

    المفاوض السابق دينيس روس وصف المشهد قائلاً: “ما نشهده هو اضطراب هائل في الشؤون العالمية. لا أحد يعلم ماذا سيحدث لاحقاً”.

    تداعيات عالمية وتغيرات دائمة

    تشير مقابلات “رويترز” مع أكثر من 12 مسؤولاً ودبلوماسياً إلى أن الأضرار قد تكون طويلة الأمد.

    مع ذلك، يتوقع المحللون أن العديد من الدول ستعيد صياغة علاقاتها مع واشنطن لحماية مصالحها، حتى لو تراجع ترامب عن بعض سياساته.

    • بعض الدول الأوروبية تسعى لتعزيز صناعاتها الدفاعية وتقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية.
    • كوريا الجنوبية تشهد نقاشات حول تطوير ترسانة نووية.
    • تزايدت التكهنات بتقارب اقتصادي أكبر بين بعض شركاء واشنطن والصين.

    البيت الأبيض يدافع

    رفض البيت الأبيض الانتقادات، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي برايان هيوز إن “ترامب يتخذ إجراءات سريعة لمعالجة التحديات العالمية، من خلال دفع روسيا وأوكرانيا إلى طاولة المفاوضات، ومحاربة تدفق الفنتانيل، ومحاسبة الصين”.

    النظام العالمي في مهب الريح

    يؤكد خبراء أن مستقبل النظام العالمي، الذي بني على التجارة الحرة وسيادة القانون، أصبح على المحك.

    فترامب، بنظرته العقارية إلى العالم واحتقاره للمنظمات المتعددة الأطراف، اتهم الشركاء التجاريين بـ”نهب” الولايات المتحدة وفرض رسوماً جمركية شاملة، ما أدى إلى اضطراب الأسواق وإضعاف الدولار وزيادة خطر الركود العالمي.

    خطط توسعية مثيرة للجدل

    لم يكتفِ ترامب بإعادة رسم السياسات، بل تحدث علناً عن “الحصول” على غرينلاند، وعن ضم كندا واستعادة قناة بنما، وحتى السيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى “منتجع على طراز الريفييرا”.

    هذه التصريحات أثارت قلق العديد من الدول، منها الدنمارك، حيث علقت رئيسة الوزراء مته فريدريكسن قائلة: “عندما نواجه تهديدات وضغوطاً من أقرب حلفائنا، ماذا يبقى لنا لنصدقه؟”.

    أوروبا قلقة

    عبّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن مخاوفه قائلاً إن أوروبا تواجه “فترة ما قبل الكارثة” إذا تحولت سياسة “أميركا أولاً” إلى “أميركا وحدها”.

    ختاماً

    يبدو أن ولاية ترامب الثانية لا تعيد فقط ترتيب أوراق السياسة الأميركية، بل تعيد رسم ملامح النظام العالمي ككل. فبين طموحاته التوسعية وإجراءاته الأحادية، يزداد قلق العالم حول مستقبل التحالفات، والاستقرار، والقيم التي سادت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img