More

    ازمة انسانية متفاقمة في غزة : الجوع يهدد حياة الالاف وسط استمرار العدوان

    بدأت علامات الجوع ونقص الغذاء تظهر على أجساد المواطنين في قطاع غزة بعد أن غرست المجاعة أنيابها في أجسادهم النحيلة من آثار عدوان الاحتلال الإسرائيلي، وازدادت الأمور تعقيدا قبل شهرين عندما أغلقت المعابر وحرم المواطنون من الغذاء والمواد الأساسية التي تعينهم على العيش في ظل هذه الظروف القاهرة.

    فغزة التي تعاني ويلات العدوان منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حتى اليوم تعيش ويلات القتل والتشرد وتوجت تلك الويلات بحرمان المواطنين من أدنى متطلبات الحياة الآدمية من طعام وشراب وكساء وكل ذلك يأتي بعد تعنت الاحتلال وإغلاقه المعابر ومحاربته لغزة بسلاحي الموت بالنار والجوع.

    ويقول المواطن بسام حمودة: لقد أصاب الضمور أجسادنا وتسلل إلى أمعائنا وبطوننا فلم نعد نقوى على ممارسة حياتنا اليومية من شدة الهزل وشح الطعام وندرة المواد الغذائية الأساسية التي حرمتنا منها قوات الاحتلال بعد إغلاقها المعابر ومحاربتا بالبارود والجوع معًا، فالكل في غزة أصابه الضعف والهزل والمرض.

    ويضيف: كنا في السابق نعتمد على الحصول على طعام التكايا الخيرية أو عن طريق المبادرين ولكن منذ شهر رمضان بدأ الطعام ينقص ويشح شيئًا فشيئا حتى وصلنا لمرحلة لم نعد نجد ما طعاما، كما أن التكايا تغلق أبوابها في ظل نفاذ مخزونها من الطعام.

    ويردف حمودة: نحن نعيش ظروفًا لم نعد فيها نجد أوراق الشجر لنأكلها لسد جوعنا لأن آلة الحرب الإسرائيلية قطعت وحرقت الشجر، وما تبقى منه استخدم في عمليات الخبز والطبخ لعدم وجود الغاز الذي تمنع قوات الاحتلال من دخوله للقطاع.

    بينما يقول المواطن خالد الأسطل: لقد اجتاحت المجاعة القطاع ونهشت بأنيابها أجسادنا وأجساد أطفالنا ولم نعد نستطيع توفير لقمة العيش لعدم وجود أية أنواع من الطعام في الأسواق وإن وجدت تكون بأسعار فلكية لا نقوى على شرائها.

    ويردف: لقد ارتفعت كذلك أسعار الدقيق والأرز والمعكرونة لعدم إدخالها للجهات الدولية التي تقدم المعونات الغذائية في القطاع وكذلك لحرمان التجار من استيرادها لاتباع الاحتلال سياسة العقاب الجماعي والتجويع.

    أما المواطن سائد عوض الله، فأشار إلى أنه منذ أيام لم يحصل أي أحد من أفراد عائلته الثمانية على وجبة طعام كافية، إذ باتت عائلته أياما طويلة وهي جائعة.

    ويردف: هذا الحال ليس بحالي وحدي بل حال غالبية المواطنين في القطاع فهم يواجهون نفس المعاناة من جوع وعطش وحرمان، وبدون عودة التكايا الخيرية وإعادة توزيع الطرود الغذائية فإن عشرات الآلاف من المواطنين سيموتون جوعًا خاصة، وأن الكثير منهم أصبح لا يقوى على الحركة والمشي لقلة الغذاء.

    ويضيف: لقد ارتفعت أسعار الدقيق والمعلبات بشكل كبير وتضاعف سعرها عشرات المرات، وأصبح سعر كيس الدقيق (25 كيلو) ما بين 700 – 800 شيقل وأحيانًا يصل لـ 1000 شيقل، كما أن المخابز لم تعد تعمل وأصبح رغيف الخير الواحد بسعر 3 شيقل ولا يتوفر بشكل دائم وفي حال توفره يكون في أماكن بعيدة.

    بينما يقول المواطن سالم عبد الهادي: لقد أصبحنا نحلم بالطعام حالمًا ونتمنى أن تعود الأيام فنحن لم تتناول اللحوم والدواجن والأسماك والبيض منذ فترة طويلة وأخذ الألم يسكن أجسادنا التي انخفض فيها نسبة المعادن والفيتامينات خاصة الكالسيوم.

    ويضيف: كنا نقوم بشراء المكملات الغذائية والفيتامينات والمعادن من الصيدليات على شكل حبوب أو كبسولات طبية ولكن مع مرور الأيام لم تعد موجودة كما كانت وارتفع سعرها فنحن نحارب من قبل الاحتلال بالقصف والجوع معا.

    وتابع عبد الهادي: لقد أصابنا المرض والتعب من سوء ما نأكل ولكثرة ما تناولنا من البقوليات والمعلبات والدقيق المصاب بالسوس والديدان، وكل ذلك له تبعات خطيرة على صحتنا في قادم السنوات إن كتب لنا النجاة.

    أما أحمد أبو الندى، أحد القائمين على تكية خيرية، قال إن المواطنين اعتادوا خلال أشهر الحرب واعتمدوا بشكل كبير على طعام التكايا، إلا أنه في هذه الآونة لم تعد تلك التكايا حتى المدعومة من مؤسسات دولية قادرة على العمل لعدم توفر المواد الغذائية.

    ويشير إلى أن هناك بعض التكايا تعمل ولكن عددها قليل ولا تقدم ربع ما كانت تقدمه في السابق، مضيفًا أن مشهد التزاحم أمامها يزيد من الغصة، متمنيا أن تفتح المعابر وتعود عجلة العمل في التكايا للتحفيف عن كاهل المواطنين الذين انهكتهم المجاعة وفاقمت معاناتهم.

    وكانت، قالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي لبنى كنزلي، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مؤكدة أن مخزون البرنامج من المساعدات الغذائية قد نفد بالكامل وسط استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول الإمدادات الإنسانية.

    وأشارت إلى أن نحو 700 ألف مواطن في غزة كانوا يحصلون يوميا على وجبات غذائية من البرنامج، إلا أن تعذر إدخال المساعدات أدى إلى توقف هذا الدعم، في وقت تتكدس فيه شاحنات محمّلة بالإمدادات عند المعابر بانتظار السماح لها بالدخول.

    وحذرت من أن استمرار هذا الوضع ينذر بوقوع وفيات نتيجة سوء التغذية، مشيرةً إلى أن البرنامج تمكن خلال فترات التهدئة السابقة من إدخال ما بين 30 -40 ألف طن من المساعدات القطاع.

    بينما وصفت رئيسة شؤون الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود كلير نيكوليه، الأوضاع في غزة بأنها كارثية على كافة المستويات نتيجة الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول الإمدادات الإغاثية والطبية.

    وأكدت، أن العالم يشاهد هذه الكارثة الإنسانية دون أن يتحرك لوقف ما وصفته بالوحشية العشوائية والمروعة، مضيفة أن الحظر الكامل المفروض منذ مطلع مارس آذار الماضي على دخول المساعدات إلى غزة يخلف عواقب مميتة ويقوض قدرة الطواقم الإنسانية والطبية على تقديم الاستجابة اللازمة.

    وشددت نيكوليه على أن الاعتماد على المسارات القانونية، مثل إجراءات محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل كقوة احتلال، قد يستغرق وقتا لا يملكه الفلسطينيون، الذين يواجهون خطر الموت يوميا نتيجة الحصار، محذرة من تحول غزة إلى مقبرة جماعية.

    وقالت إن إسرائيل تستخدم المساعدات كسلاح حرب ووسيلة للعقاب الجماعي، داعية دول العالم إلى ممارسة ضغط فعلي وفوري على السلطات الإسرائيلية لرفع الحصار والسماح بدخول المساعدات بشكل عاجل لتفادي المزيد من المعاناة والخسائر في الأرواح.

    أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيقول إن عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية ارتفع بنسبة 80% مقارنة بمارس آذار الماضي.

    وأشار إلى أنه تظهر الأرقام أن 92% من الرضع بين 6 أشهر وسنتين لا يحصلون مع أمهاتهم على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، ما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم مدى حياتهم، كما لا يتمكن 65% من سكان القطاع من الحصول على مياه نظيفة للشرب أو الطبخ.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img