More

    ما لم يقُله وفد لبنان إلى واشنطن: شروط أميركية صارمة تطال “حزب الله”

    عاد الوفد اللبناني الرسمي من واشنطن قبل أسبوع، مفعمًا بجرعة عالية من الإيجابية بعد محادثاته مع صندوق النقد الدولي، خلال مشاركته في اجتماعات الربيع السنوية. وقد عبّر أعضاؤه عن تفاؤلهم بأن المقاربة الموحدة التي عرضوها، والمبنية على خطة عمل الحكومة بالتعاون مع مصرف لبنان، تشكّل الأساس لأي برنامج تمويلي مرتقب مع الصندوق.

    وزاد من زخم هذا التفاؤل تفاعل المجلس النيابي السريع مع الشروط الدولية، عبر إقرار التعديلات المطلوبة على قانون السرية المصرفية، وبدء مناقشة مشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي في لجنة المال والموازنة. وقد استمعت اللجنة أمس إلى حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، بعد أن كانت قد استمعت في وقت سابق إلى وزير المال ياسين جابر.

    الإصلاحات: ثلاثة قوانين حاسمة

    تتركز الشروط الأساسية المطلوبة من لبنان على إقرار ثلاثة قوانين حيوية: أولها تعديل قانون السرية المصرفية، وهو ما تحقق؛ وثانيها مشروع إعادة هيكلة المصارف، الذي ما زال قيد النقاش؛ أما الثالث، والأهم، فهو مشروع إعادة التوازن المالي، الهادف إلى معالجة “الفجوة المالية” الناتجة عن خسائر القطاع المالي منذ العام 2019، والتي تمثّل عملياً أموال المودعين.

    هذه “الفجوة” تُعدّ من أكثر الملفات حساسية، نظراً لما تتطلبه من مصارحة حول توزيع المسؤوليات بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف، وهو ما لم تجرؤ عليه الحكومات المتعاقبة. لكن الحاكم الجديد للبنك المركزي يبدو أكثر استعدادًا لمواجهة هذه الحقيقة، عبر خطة لتحديد حجم الفجوة واقتراح آليات استرداد تدريجية للودائع وتنظيف ميزانية المصرف.

    الملف غير المُعلن: “حزب الله” تحت المجهر

    لكن خلف هذا المشهد الاقتصادي الظاهري، حملت زيارة الوفد اللبناني إلى واشنطن في طياتها أبعادًا سياسية غير مُعلنة. فقد علم أن الجانب الأميركي شدد على ضرورة تفكيك البنية المالية لحزب الله، بالتوازي مع الضغط المستمر لتطبيق القرار 1701 وتسليم سلاحه.

    وتشير مصادر مطلعة إلى أن الموقف الأميركي صارم ولا يقبل بالمناورات، ويرى في هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية لإنهاء نفوذ الحزب داخل مؤسسات الدولة اللبنانية. في المقابل، لا تبدي أوروبا ودول الخليج نفس الحدة، لكنها تشارك الهدف عبر دعمها لصندوق النقد الدولي، ومطالبته بإصلاحات حقيقية تعيد لبنان إلى النظام المصرفي العالمي السليم، وتنهي اقتصاد “الكاش” المرتبط بشبكات غير نظامية.

    ثقة دولية مشروطة… وموقف فرنسي لافت

    هذا التمايز بين واشنطن من جهة، والموقف الغربي–العربي من جهة أخرى، يعكس اتجاهين: أحدهما سياسي صرف، يهدف إلى إنهاء دور الحزب، والآخر اقتصادي – مالي يرفض استدامة نظام فاسد قائم على المماطلة، كما حصل في العقود الماضية.

    وقد تجلّى انعدام الثقة الدولي بلبنان بشكل فاضح منذ قرار حكومة حسان دياب بالتخلف عن سداد الديون، والذي رغم الجدل حول جدواه، ترك أثرًا سلبيًا على سمعة لبنان الائتمانية.

    في هذا السياق، تبدي باريس اهتماماً استثنائياً بتقديم الدعم للبنان. ويتجلى ذلك في اللقاء الذي جمع الحاكم الحالي لمصرف لبنان بنظيره الفرنسي، في خطوة لم تحدث مع الحاكمين السابقين. ويُرتقب أن يُوقّع الحاكم كريم سعيد بروتوكول تعاون مع البنك المركزي الفرنسي لإعادة تأهيل كوادر المصرف المركزي اللبناني.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img