في حال نجحت جهود تقسيم سوريا، فإن الأمر لن يتوقف عند حدودها، بل سيمتد ليشمل دولاً أخرى مثل لبنان والعراق، لتكتمل بذلك الرؤية التي أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح: “جهودنا ستغير ملامح الشرق الأوسط.”
مواجهة جوية غير مسبوقة شهدتها الأجواء السورية بين مقاتلات تركية وأخرى إسرائيلية، في تطور هو الأول من نوعه منذ فرضت تل أبيب قيوداً على حركة أنقرة العسكرية والسياسية في سوريا ما بعد الأسد.
وبرغم خطورة الحادث، لم يلقَ اهتماماً إعلامياً أو سياسياً واسعاً، شأنه شأن استهداف المسيّرات الإسرائيلية لسفينة تركية كانت ضمن “أسطول الحرية” قرب سواحل مالطا. الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: فتح كل الجبهات ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
صراع النفوذ على “اللحاف السوري”
ما يجري في سوريا بات أقرب إلى صراع على “لحاف” تتجاذبه قوى إقليمية ودولية، كلٌّ يسعى لشدّه في اتجاه مصالحه. نتنياهو، الذي يترحّم على عقود من “الصفاء” على الجبهة السورية، يسعى لاستمالة القيادة السورية الجديدة، مرة بالترغيب ومرات بالترهيب.
ويبدو أن رؤية إسرائيل لتفكيك سوريا لم تعد خفية، بل عبّر عنها وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، صراحةً حين قال إن “الانتصار في غزة لا يكتمل إلا بتفكيك سوريا”، في بعث جديد لمشروع تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية، على رأسها “الدولة اليهودية القوية”.
في هذا السياق، تُستخدم “الثغرة الدرزية” في جنوب سوريا كأداة إسرائيلية ناعمة لفرض النفوذ تحت غطاء الحماية، وهو ما يهدد بإشعال توترات طائفية ومناطقية أوسع.
أنقرة تخشى شبح الدولة الكردية
بالنسبة لتركيا، فإن تفتيت سوريا يعني ما هو أسوأ: قيام دولة كردية على حدودها، وهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه. لهذا تضع أنقرة وحدة سوريا في صلب سياستها، لكنها تشترط أن تكون هي المرجعية الأولى والوحيدة لأي نظام سوري جديد.
النظام الجديد في مرمى الجميع
في وسط هذا التجاذب، يبدو النظام السوري الجديد عاجزاً عن احتواء الفصائل المدعومة من تركيا من جهة، وغير قادر على الرد على القصف الإسرائيلي المتكرر من جهة أخرى. وكأن سوريا أصبحت ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات، كلما احتدمت الأزمات: “هيا بنا نقصف سوريا.”
مشهد اللحاف السوري اليوم ليس سوى فصل من مشروع أكبر، تتداخل فيه الخرائط والحدود والمصالح… بينما يقف السوريون، مرة أخرى، في قلب العاصفة.