في دورته العشرين التي انعقدت في الكويت، اكتسب الملتقى الإعلامي العربي هذا العام طابعاً خاصاً، لتزامنه مع اختيار الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025، فكان بمثابة محطة للاحتفاء بالإرث الثقافي والإعلامي الغني، كما شكل منصة مفتوحة لنقاش تحديات المهنة في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة.
الذكاء الاصطناعي في صلب النقاشات
طغت نقاشات الذكاء الاصطناعي على جلسات الملتقى، وبرز انقسام واضح بين من اعتبره صديقاً داعماً للإعلاميين، ومن تخوف من تحوّله إلى خصم للابتكار البشري. إلا أن النقاش لم يعد يتركّز حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيحل مكان الصحافي، بل حول كيفية الاستفادة منه دون الوقوع في فخ الاستبدال الكامل.
وقد حسم أستاذ العلوم في كلية التربية الأساسية بالكويت، د. محمد ربيع العنزي، الجدل قائلاً: “الفرد أو المؤسسة أو الدولة التي ستحسن استخدام الذكاء الاصطناعي ستتفوق على الجميع”.
صنّاع المحتوى الشباب في الواجهة
وفي خطوة لافتة، خصص الملتقى مساحة بارزة لصناع المحتوى الشباب، الذين شاركوا تجاربهم المتنوعة والجريئة، ونجح بعضهم في استفزاز “الحرس القديم”، ما أطلق نقاشاً حيوياً حول التوازن بين الإعلام التقليدي والرقمي.
وعبر أكثر من عشر جلسات، بمشاركة نحو خمسين متحدثاً، بدا واضحاً أن صناع المحتوى باتوا يشقّون طريقهم بثبات نحو المشهد الإعلامي الجديد، مع دخول بعض المؤسسات الإعلامية التقليدية في شراكات معهم، ما يعكس اعترافاً متزايداً بأهمية محتواهم.
الهواجس والفرص في زمن التحوّل الرقمي
لم تغب المخاوف من الفوضى الإعلامية. فالبعض انتقد انتشار “4 مليارات صحافي”، على حد تعبيره، والمحتوى “التافه” الذي يهدد جودة الإعلام. وبرز إجماع على ضرورة وضع تشريعات واضحة لتنظيم المشهد الإعلامي الرقمي.
من جهته، شدد وزير الإعلام اللبناني بول مرقص على أهمية تأسيس مرصد عربي لأخلاقيات الإعلام الرقمي، يواكب التحولات ويرصد الانتهاكات ويقترح أطرًا تنظيمية مرنة تحفظ الحريات بعيدًا عن الرقابة التقليدية.
الإمارات… ضيف شرف بنموذج إعلامي متطور
واختيار الإمارات ضيف شرف الدورة جاء متناغماً مع شكل الإعلام الجديد، حيث أدرجت الدولة الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية، ودمجت التقنيات الحديثة في مؤسساتها الإعلامية.
في هذا السياق، طمأن رئيس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات محمد الكويتي إلى أن البنى التحتية الذكية في الإمارات محصّنة، مشيراً إلى أن “هدفنا هو الاستباقية للتنبؤ بالهجمات المحتملة”، وهو ما يعكس ثقة راسخة في بنية الأمن الرقمي.
كويت التفاؤل والتحدي
أمّا وزير الإعلام الكويتي عبد الرحمن المطيري، فعبّر في تصريح لـ”النهار” عن تفاؤله بفرص التطور الإعلامي، رغم التحديات، مؤكداً ضرورة وضع استراتيجيات تواكب التكنولوجيا الحديثة وتحوّلها إلى أدوات لصالح الإعلام والمجتمع.
