More

    تهريب المخدرات إلى الأردن… من عهد الأسد إلى مرحلة الشرع

    لا تزال محاولات تهريب المخدرات من سوريا إلى الأردن تمثل تحدياً أمنياً متجدداً، على الرغم من التغييرات السياسية التي شهدتها دمشق مؤخراً. فخلافاً لتوقعات تفاؤلية بزوال هذه الظاهرة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد وتولي سلطة جديدة، سجّل الجيش الأردني في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة محاولات التهريب، كان آخرها قبل يومين، حين تم إسقاط طائرة مسيّرة حاولت اجتياز الحدود بطريقة غير مشروعة.

    شبكات مستمرة رغم التغيير السياسي

    يرى اللواء المتقاعد والخبير الاستراتيجي عبدالله الحسنات، في حديث إلى “النهار”، أن استمرار محاولات التهريب يعود إلى تغلغل تجارة المخدرات في الداخل السوري منذ عام 2011، لا سيما بين أوساط الجيش والأجهزة الأمنية والميليشيات. ويشير إلى وجود كميات هائلة من الكبتاغون لا تزال مخزنة، رغم ما تعلنه السلطات السورية من ضبط شحنات منها.

    ويضيف الحسنات: “لا تزال هناك مصانع ومكابس نشطة على الجانب السوري، وكانت الإحصاءات السابقة تشير إلى وجود أكثر من 295 منشأة لصناعة المخدرات. كما أن فلول النظام السابق وميليشيات من بقايا حزب الله وإيران تواصل العمل في هذا المجال”.

    الحدود غير مضبوطة… والتهديد قائم

    ويؤكد الحسنات أن الجيش السوري لم يُعد تشكيله بصورة كاملة واحترافية بعد، مشيراً إلى أن الحدود الجنوبية لسوريا (والشمالية بالنسبة للأردن) ما زالت غير خاضعة لسيطرة عسكرية منظمة، ما يسهّل استمرار نشاط المهربين.

    وعن النهج الأردني، يشدد الحسنات على أن المملكة “تتعامل بحزم شديد مع هذا التهديد، سواء عبر قواتها المسلحة أو عبر تقنيات متقدمة للمراقبة والردع”، لافتاً إلى أن “كل الخيارات مفتوحة، بما فيها الضربات الوقائية ضد أوكار المهربين”.

    ويضيف أن على الجانب السوري مسؤولية كبيرة لإعادة هيكلة أجهزته الأمنية وتفعيلها بشكل فاعل، بما يضمن ضبط الحدود ووقف نشاط الميليشيات.

    فراغ أمني يزيد الضغط على الأردن

    يرى الحسنات أن السلطات السورية قد لا تكون متورطة بشكل مباشر في التهريب، إلا أن غياب قبضة أمنية حقيقية داخل البلاد وعلى الحدود، يعزز من قدرة المهربين على مواصلة نشاطهم. ويختم قائلاً: “غياب الجيش النظامي والأجهزة الأمنية الرسمية يضاعف من العبء على الأردن، ويجعل المناطق الجنوبية من سوريا، خصوصاً السويداء وأجزاء من درعا، ساحة مفتوحة أمام فلول النظام السابق والتنظيمات المسلحة التي تواصل تهديد الأمن الأردني”.

    تراجع ملحوظ… ولكن التحديات مستمرة

    من جهته، يشير الباحث في الشأن السوري لدى معهد السياسة والمجتمع الأردني، حسن جابر، إلى تراجع محاولات التهريب بنسبة لا تقل عن 90% مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما يعزوه إلى “زوال التسييس الذي كان يطغى على ملف التهريب في عهد الأسد، حيث كانت المخدرات تستخدم كورقة ابتزاز سياسي”.

    لكن جابر يلفت إلى أن استمرار الأزمات السياسية والعسكرية في الجنوب السوري، بما فيها الخلافات بين الفصائل ودمشق، والتوترات في السويداء، والتدخلات الإسرائيلية، لا تزال تحول دون القضاء على هذه الشبكات بشكل كامل.

    كما يشير إلى استمرار استخدام بعض المدنيين كمخازن للمخدرات من قبل أمراء الحرب، محذراً من وجود مستودعات ضخمة لم تُكتشف بعد، على الرغم من الجهود الأمنية الكبيرة التي يبذلها الأردن، بما فيها التعاون مع دمشق وزيارات رفيعة المستوى لبحث هذا الملف.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img