تحلّ طائرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض في وقت يشهد فيه العالم اختناقات سياسية متصاعدة، وتقلّبات في الأسواق المالية، وتذبذباً في أسعار الطاقة، وترنّحاً في حركة التجارة العالمية. زيارة تحمل أبعادًا استراتيجية متعددة، في ظل سعي واشنطن لمواجهة التحولات الأمنية وتعزيز الاستثمارات الخارجية داخل الولايات المتحدة، إلى جانب توسيع مجالات التعاون مع المملكة العربية السعودية.
يدرك الرئيس ترامب التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، بما فيها تراجع أرباح الشركات الأميركية، إلا أنه يرى في السعودية شريكًا موثوقًا يتمتع بسجل قوي في تحقيق التحول التنموي، ما يمنحها ميزات تنافسية فريدة. من هنا، يرافقه خلال الزيارة وفد رفيع من خبراء الاستثمار والتقنية، في إطار تحضيرات لصفقات ومشاريع ذات أبعاد اقتصادية وتنموية.
من بين الملفات المطروحة، عرض أميركي لبناء برنامج نووي مدني في المملكة، دعمًا لمساعيها في تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاستدامة. هذا المشروع يشمل إنتاج الكهرباء، توطين الوظائف، وتبادل التكنولوجيا والخبرات، إلى جانب صفقة محتملة لبيع أسلحة أميركية متطورة، قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، وتوفر عشرات الآلاف من فرص العمل في الولايات المتحدة.
داخليًا، تصب هذه الشراكات في خدمة رؤية السعودية 2030، عبر تعزيز الاستقرار الاقتصادي، تقليل الاعتماد على النفط، والمحافظة على البيئة. أما خارجيًا، فتأتي الزيارة في إطار ترسيخ دور الرياض كلاعب محوري في استقرار الشرق الأوسط، في ظل تعميق التعاون مع واشنطن، خصوصًا في مشاريع مثل “نيوم”، والانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 2%، ما يعكس تنامي الفرص الاستثمارية مع شركات عالمية.
البيت الأبيض وصف الزيارة بـ”العودة التاريخية” إلى الخليج، في إشارة إلى الأهمية السياسية والاقتصادية الكبرى التي تمثلها المملكة. وقد جاء تصريح وزير الطاقة الأميركي كريس رايت خلال زيارته الأخيرة للسعودية ليدعّم هذا المسار، مؤكدًا اقتراب توقيع اتفاقية أولية للتعاون في مجالات التكنولوجيا النووية المدنية.
خلاصة القول: زيارة ترامب إلى السعودية ليست مجرد محطة دبلوماسية، بل خطوة استراتيجية نحو رسم ملامح جديدة للتعاون الدولي في مجالات الأمن والطاقة والاقتصاد، بما يخدم مصالح البلدين ويعزز استقرار المنطقة والعالم.