More

    المنطقة الثقافية في السعديات… منصّة إماراتية رائدة لتمكين الأجيال

    في كل عام، ومع حلول اليوم العالمي للمتاحف، تتجدد الدعوة إلى تأمّل دور المتاحف في تعزيز التفاهم الثقافي وتحفيز الفضول المعرفي، لا سيّما بين الأجيال الشابة. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تحتل المنطقة الثقافية في السعديات مكانة محورية في هذا السياق، حيث تمثل نموذجاً فريداً للاستثمار في المعرفة والإبداع، مرتكزة على رؤية وطنية شاملة يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وبدعم من الشيخ خالد بن محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي.

    وتجسّد هذه المنطقة الإرث الثقافي الغني الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من خلال إيمانه بأهمية الثقافة والهوية الوطنية. وقد عبّر عن ذلك بقوله: “من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله”، وهو ما تُرجم عملياً عبر إنشاء أول متحف في منطقة العين ثم المجمع الثقافي في 1971.

    منارات ثقافية ملهمة

    تُعدّ المنطقة الثقافية في السعديات اليوم من أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية في العالم، حيث تحتضن مزيجاً من المتاحف والمراكز التعليمية والبحثية التي تهدف إلى تمكين الجيل القادم من المفكرين والفنانين والعلماء والمبدعين.

    ويتصدر متحف زايد الوطني هذه الرؤية، حيث يستعد لفتح أبوابه قريباً، مستعرضاً حياة وإرث الشيخ زايد وقيمه في التعليم، والبيئة، والاستدامة، والثقافة. كما يتضمن المتحف معهد أبحاث سيُسهم في تأهيل جيل جديد من المؤرخين وعلماء الآثار من خلال برامج توعوية ومشاريع بحثية مثل إعادة بناء قارب “ماجان”.

    أما متحف اللوفر أبوظبي، فيواصل مهمته كأول متحف عالمي في العالم العربي، جامعاً أعمالاً فنية من مختلف العصور والحضارات، في تذكير دائم بالقيم الإنسانية المشتركة. كما يقدّم برامج تدريبية وشراكات تعليمية تُسهم في تأهيل الكفاءات الشابة، بدعم من مختبر أبحاثه الذي يُركّز على الحفاظ على التراث بالوسائل العلمية.

    ويفتتح هذا العام متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي، ليأخذ الزوار في رحلة معرفية عبر 13.8 مليار سنة من تطور الكون. من خلال مرافقه البحثية المتقدمة، سيُسهم المتحف في تعزيز الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بين الشباب.

    إبداع رقمي وفن عالمي

    وفي بُعد مستقبلي، يُقدم “تيم لاب فينومينا” أبوظبي مساحة تفاعلية فريدة تمزج بين الفن والعلم والتكنولوجيا، صُممت لتحفيز الخيال والإبداع لدى الزوار، خاصة الشباب.

    كما يُنتظر اكتمال بناء متحف جوجنهايم أبوظبي هذا العام، والذي سيوفر منبراً لأوسع مجموعة من الفنون الحديثة والمعاصرة في المنطقة، عبر برامج زمالة وإرشاد تهدف إلى صقل مهارات الجيل الجديد من صنّاع الثقافة.

    بيئة شاملة للمواهب

    تُولي المنطقة الثقافية في السعديات اهتماماً كبيراً للموسيقى والفنون كوسائل للتعبير والتطوير، من خلال مؤسسات مثل بيركلي أبوظبي، التي تُخرج مواهب من المنطقة إلى فضاء الاحتراف العالمي، من بينها مغنية الأوبرا الإماراتية فاطمة الهاشمي. كما توفر منارة السعديات مجموعة غنية من الورش والمخيّمات الفنية على مدار العام.

    تمكين الشباب… حجر الأساس

    لا تقتصر أهمية المنطقة الثقافية في السعديات على كونها مركزاً للتميز الثقافي، بل إنها منصة فاعلة لتمكين الشباب وبناء مستقبلهم. فهي تتيح للأجيال القادمة فرصاً لاكتشاف الذات، وتوسيع الآفاق، والمشاركة في صياغة مشهد ثقافي عالمي منفتح ومتجدد.

    وبتغذيتها للمواهب اليوم، تُرسّخ السعديات التزامها بأن تبقى ذاكرة الماضي منارة للمستقبل – في أبوظبي، وفي دولة الإمارات، وفي العالم أجمع.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img