يشهد العراق أزمة مالية متفاقمة بفعل ارتفاع الإنفاق التشغيلي وتراجع العائدات النفطية، في وقت أعلنت فيه وزارة النفط عن خفض صادرات الخام إلى 3.2 ملايين برميل يوميًا خلال أيار وحزيران، مقارنة بـ3.42 ملايين برميل يوميًا سابقًا.
وفيما لم يتبقَ من عمر الحكومة الحالية سوى خمسة أشهر، تواجه كابينة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تحديات مالية قد تكون الأصعب، خصوصًا إذا ما هدأت التوترات الدولية، وأدت إلى انخفاض أسعار النفط، كما يتوقع مراقبون.
وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، إن الحكومة لجأت إلى إجراءات طارئة منها سحب أموال الأمانات الضريبية، طرح سندات داخلية، والبدء ببيع أراضٍ في المنطقة الخضراء لتغطية النفقات التشغيلية، التي تشمل الرواتب والدعم والرعاية الاجتماعية، إلى جانب تمويل آلاف المشاريع المتوقفة.
وأشار صالح إلى أن الأزمة الحالية تأتي في سياق ما وصفه بـ”مرحلة ما قبل الانكماش” التي يعيشها الاقتصاد العالمي، مشيدًا بسياسة “أوبك+” الحذرة لدعم موازنات الدول الأعضاء عام 2025.
بدوره، أكد رئيس اللجنة المالية في البرلمان، عطوان العطواني، أن تقلب أسعار النفط تُربك الموازنة العامة، ما يفرض على الحكومة البحث عن مصادر بديلة ومستدامة للإيرادات، في ظل هشاشة الاقتصاد المعتمد على النفط.
أما الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، فقد حذّر من عسر مالي متصاعد، مشيرًا إلى أن الإنفاق الفعلي في عام 2024 بلغ 156 تريليون دينار، مع عجز حقيقي يصل إلى 19 تريليون دينار، في حين تحتاج الحكومة شهريًا إلى 13 تريليون دينار لتغطية الإنفاق التشغيلي، بينما لا تتجاوز الإيرادات النفطية 10 تريليونات.
وأشار المرسومي إلى أن الدين الداخلي ارتفع من 70 إلى 83 تريليون دينار، كما طرحت الحكومة سندات تفوق قيمتها 7 تريليونات دينار، بينما انخفض سعر برميل النفط إلى حدود 60 دولارًا، ما يجعل تغطية الرواتب والإنفاق الاجتماعي أكثر صعوبة.
يُذكر أن العراق يضم أكثر من 7.3 ملايين موظف ومتقاعد، ومليونين و125 ألف مواطن يتلقون إعانات اجتماعية، ما يضاعف الضغط على الموازنة.
ومع استمرار تعثر تصدير النفط عبر خط جيهان التركي، وتزايد المخاوف من انهيار أسعار الخام نتيجة تهدئة الأزمات الدولية، يجد العراقيون أنفسهم أمام مرحلة مالية حرجة، قد تفرض عليهم التعايش مع واقع اقتصادي أكثر قسوة.
