More

    المصانع الصينية تستوطن في مصر… عين التنين على موارد “المحروسة”

    في تحول استراتيجي لافت، أصبحت المنتجات الصينية في مصر تحمل شعار “صنع في مصر”، بعد أن تسارعت وتيرة الاستثمارات الصينية، ووصل عدد الشركات الصينية العاملة في البلاد إلى 2700 شركة. هذا التمدد الصناعي والتجاري يدفع للتساؤل: لماذا تختار بكين القاهرة كقاعدة صناعية؟ وهل ذلك جزء من خطة تحوّط من العقوبات الأميركية المحتملة؟ وما مستقبل العلاقات الصينية-المصرية في ظل هذا الزخم؟

    الاستثمار الصيني في مصر: الأرقام تتحدث

    خلال السنوات الثلاث الماضية، تضاعفت الاستثمارات الصينية في مصر لتبلغ 8 مليارات دولار، مع خطة لرفعها إلى 12 ملياراً بنهاية 2025، بحسب جمعية رجال الأعمال المصريين. ويأتي ذلك في سياق توقيع البلدين اتفاقات تشمل 11 مشروعاً جديداً في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تتجاوز 15.6 مليار دولار.

    لماذا مصر؟

    عدة عوامل جذبت “التنين الصيني” نحو “المحروسة”:

    • حوافز قانونية وتشريعية: مثل نظام الشباك الواحد، إعفاءات ضريبية وجمركية، حرية تحويل الأرباح، ومنح إقامة للمستثمرين الأجانب.

    • موقع جغرافي استراتيجي: مصر تقع على ممر ملاحي دولي وتضم مناطق صناعية ولوجستية حيوية.

    • قوة عاملة ضخمة: قرابة 30 مليون شخص في سن العمل، ما يجعل تكلفة التشغيل منخفضة ومغرية.

    • وفرة المواد الخام: خصوصاً في قطاعات الطاقة النظيفة والصناعات التحويلية.

    تحوّط أم شراكة؟

    رغم تزامن تكثيف الاستثمارات الصينية في مصر مع تصاعد التوتر التجاري مع الولايات المتحدة، ينفي أحمد عز الدين، رئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين بجمعية رجال الأعمال، أن يكون الهدف هو الهروب من العقوبات، مؤكدًا أن العلاقة مبنية على مبدأ “المصلحة المشتركة”. فالصين تنتهج منذ سنوات استراتيجية تنويع الأسواق، لا سيما في أفريقيا والشرق الأوسط، استباقًا لأي تغييرات دولية.

    طريق الحرير بنسخته الجديدة

    تعزز الصين من وجودها في الأسواق الناشئة ضمن مشروع “الحزام والطريق”، حيث تشكل مصر نقطة محورية في هذا المشروع، نظرًا إلى موقعها وقدراتها اللوجستية. ويبدو أن بكين استطاعت بالفعل إعادة هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها بما يحميها من أي هزات اقتصادية قد تأتي من الغرب.

    ميزان تجاري يميل للصين

    رغم قوة العلاقات، تشير الأرقام إلى عجز كبير في الميزان التجاري لصالح الصين: 15.5 مليار دولار واردات مصرية من الصين مقابل صادرات مصرية لا تتجاوز 400 مليون دولار، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء.

    مستقبل العلاقات: من الاستيراد إلى التصنيع المشترك

    مع توجه مصر نحو تعميق الصناعة المحلية، تجد الصين فرصة مثالية لإنشاء مصانعها هناك. فبدلاً من تصدير منتجاتها للأسواق، تصنعها داخل مصر وتستفيد من المواد الخام المحلية وتعيد تصديرها، في علاقة مبنية على تبادل المصالح والتكنولوجيا.

    ما بين طريق الحرير وطريق السويس، يبدو أن المصالح الصينية وجدت ضالتها في مصر، التي تسعى بدورها لاستغلال هذا التوجه في بناء قاعدة صناعية حقيقية تعزز من مكانتها الإقليمية. وبينما تتابع واشنطن عن كثب هذا التمدد، تمضي القاهرة وبكين في تعميق الشراكة… شراكة ربما ترسم معالم توازن اقتصادي جديد في المنطقة.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img