ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس “أحد العنصرة” في بكركي، بمشاركة حشد من المؤمنين، حيث ألقى عظة شدّد فيها على معاني العنصرة الروحية والوطنية، مؤكدًا أن لبنان يمرّ بمرحلة صعبة لكنها تحمل أيضًا فرصًا للتجدّد والانطلاق.
وقال الراعي: “عيد العنصرة هو عيد تجلّي محبّة الله. فالروح القدس هو المحبّة المتبادلة بين الآب والابن، ولا يُعطى إلّا لقلوب محبّة. هذا ما أكّده الربّ يسوع بقوله: “إذا كنتم تحبّوني، تحفظون وصاياي. وأنا أسأل أبي أن يعطيكم برقليطًا آخر مؤيّدًا يكون معكم إلى الأبد” (يو 14: 15)”.
وأضاف: “حين نطلب في الليتورجيا حلول الروح القدس علينا وعلى القرابين، فنحن لا نلتمس فقط تحويل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه، بل أيضًا أن يتحوّل كلّ واحد منّا، ويُشعل قلبه بمحبةٍ وخدمةٍ متجددة. فالروح القدس هو الذي يبني الكنيسة ويحميها من أن تتحوّل إلى مجرّد هيكل أو خطاب فارغ”.
وأشار الراعي إلى أن “العنصرة ليست حدثًا روحانيًا منفصلًا عن الحياة الاجتماعية، بل هي انطلاقة تغيير وتجدّد”، مضيفًا أن “الرسل نزلوا إلى ساحة المدينة ببسالة، والكنيسة حملت رسالة الكلمة المتجسدة إلى قلب المجتمع”.
الشأن اللبناني
وتطرّق البطريرك إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية، قائلاً:
“نحن اليوم في لبنان نعيش زمنًا مليئًا بالتحدّيات، لكنه أيضًا زمن فرص جديدة ورجاء مستمر. مجتمعنا بأمسّ الحاجة إلى نفحة الروح القدس، تُجدّد في كل مواطن الطاقات وتنعش فيه المسؤولية الوطنية والاجتماعية”.
واعتبر أن “عمل الروح القدس في الحياة السياسية يعني بناء الثقة بعد الخيبات، وتجديد لغة الخطاب السياسي بعيدًا عن التقسيم والمصالح الفردية، وإحياء الضمير الوطني للارتقاء إلى مستوى الخير العام”.
وأضاف: “يتعطّش اللبنانيون إلى صدق في القيادة، واستقرار في المؤسسات، وتعاون حقيقي بين المكوّنات، وروح جديدة في الحياة العامة. فشعبنا، رغم الضغوطات، لا يزال متمسّكًا بالإيمان والانفتاح، والرغبة في أن يبقى لبنان وطن الرسالة في هذا الشرق”.