كشف مؤتمر المطوّرين السنوي لشركة “أبل” في صيف 2025 عن حقيقة صادمة لعشّاق التكنولوجيا والمستثمرين: الشركة التي طالما قادت موجات الابتكار أصبحت اليوم في موقع المُتأخر، تحديدًا في سباق الذكاء الاصطناعي.
ورغم وفرة الإعلانات البرمجية وتحسينات أنظمة التشغيل، فإن ما غاب عن المؤتمر كان لافتًا أكثر ممّا حضر. فقد خيّم على الحدث شعور بالتردّد، مع غياب أي قفزة حقيقية في الذكاء الاصطناعي، وهو ما انعكس فورًا في الأسواق، حيث تراجع سهم “أبل” بشكل مفاجئ، مهدراً نحو 75 مليار دولار من القيمة السوقية في دقائق معدودة.
ذكاء اصطناعي… لكن بخطى متباطئة
طرحت “أبل” نماذج ذكاء اصطناعي تعمل محليًا على أجهزتها، ما يعزز الخصوصية ويُحسّن الأداء من الناحية التقنية، إلا أن هذه الخطوة تُعتبر متأخرة مقارنة بما تقدمه شركات مثل “مايكروسوفت”، “غوغل”، و”أوبن إيه آي”، والتي تطلق نماذج توليدية متطورة بوتيرة شبه أسبوعية.
تحديثات “أبل” ركّزت على ميزات مثل تنظيم الصور وتلخيص النصوص، وهي تحسينات مفيدة لكنها لا ترقى إلى مستوى “التحولات” التي يقودها الذكاء الاصطناعي لدى المنافسين.
“سيري”: الغائب الحاضر
الترقّب كان كبيرًا لإطلاق نسخة جديدة من المساعد الذكي “سيري” مدعومة بنماذج ذكاء اصطناعي متقدمة. إلا أن ما جاء كان مخيّبًا، إذ تم التطرّق إلى التحديثات الخاصة بـ”سيري” بشكل عابر، ما عزز الانطباع بأن المشروع لم ينضج بعد، ويعاني من تأخر واضح في التطوير.
فجوة تزداد اتساعاً
ما يثير القلق أكثر هو اتساع الفجوة بين “أبل” ومنافسيها. في وقت تُبنى فيه تحالفات إستراتيجية لإعادة تشكيل المشهد الرقمي، تجد “أبل” نفسها في موقع المُلاحق. وفي مؤشر رمزي على هذا التحول، يعمل المصمم السابق للشركة جوني آيف اليوم على مشاريع ذكاء اصطناعي بالتعاون مع “أوبن إيه آي”، ما يعكس انتقال رموز الابتكار إلى فضاءات تنافسية جديدة خارج مظلة الشركة.
تصميمات أنيقة… وعمق غائب
حاولت “أبل” التخفيف من حدة هذا التأخر عبر تقديم واجهات تصميم محسّنة مثل نمط “الزجاج السائل” الجديد، في أنظمة iOS وmacOS، إلا أن هذه التحسينات بقيت شكلية، دون أن تعالج جوهر التحدي: البنية التحتية المطلوبة لثورة الذكاء الاصطناعي لا تزال غير مكتملة في مختبرات “أبل”.
المستقبل: بين الترقب والمساءلة
في عالم لا ينتظر، لم يعد الصمت خيارًا مجديًا. سباق الذكاء الاصطناعي يتسارع، و”أبل” تواجه اليوم لحظة محورية: هل تستطيع استعادة موقعها الريادي؟ أم ستبقى تلاحق الآخرين في عالم بات يُعاد تشكيله كل يوم؟