قُتلت الفنانة التشكيلية الإيرانية البارزة منصورة عليخاني، في غارة جوية صهيونية استهدفت منطقة سكنية في العاصمة الإيرانية طهران، لتُطوى بذلك صفحة مسيرة فنية غنية وملهمة، استمرّت لعقود، وخلّفت أثراً عميقاً في المشهد الثقافي الإيراني.
اشتهرت عليخاني، المولودة عام 1966 في مدينة نوشهر شمال إيران، برسوماتها التي عكست الهوية الثقافية والدينية الإيرانية. وتلقّت تعليمها الفني في جامعة الزهراء بطهران، قبل أن تتابع دراساتها العليا في جامعة سوره، حيث تخرجت بدرجة الماجستير في الرسم، وتتلمذت على يد الرسام الإيراني الشهير كاظم شاليبا، ما أسس لأسلوبها التعبيري الواقعي الذي ميّز أعمالها.
مسيرة فنية تعليمية وثقافية
لم تكن عليخاني فنانة فقط، بل معلمة ومربية لأجيال من الطلاب. درّست في كلية الفنون بجامعة كاشان، ثم في معهد سوره للفنون بطهران، وتولت لاحقًا إدارة مركز المهارات الفنية في الجامعة ذاتها، حيث نظّمت ورش عمل ومعارض للطلبة.
شاركت في معارض فردية وجماعية محلية، وتميّزت أعمالها بأسلوب واقعي تعبيري يتناول موضوعات مستوحاة من التراث الإيراني والديني. كما عملت في مجال رسوم الكتب، وشاركت في لجان تحكيم مهرجانات فنية وطنية، واعتُبرت من أبرز الوجوه الفنية في مركز الفن التابع للثورة الإسلامية (حوزه هنری).
في عام 2025، فازت عليخاني بالجائزة الكبرى في مهرجان “1404”، تتويجًا لمسيرة فنية عميقة ومؤثرة.
رحيل مفاجئ ولوحة غير مكتملة
في ليلة 14 حزيران/يونيو، وبينما كانت تعمل في منزلها على لوحة دينية تُجسّد واقعة عاشوراء، سقط صاروخ على الحي الذي تقيم فيه، لتلقى حتفها في غارة صهيونية، وفق ما أفادت مصادر. لم تكتمل تلك اللوحة، لكنها باتت رمزًا لصوت فني سُكت فجأة، في خضم التوترات السياسية المتصاعدة في المنطقة.
أثار خبر مقتلها موجة من الحزن والاستنكار في الأوساط الفنية والثقافية الإيرانية، وسرعان ما تصدّر اسمها محركات البحث ومنصات التواصل. نعَتْها المؤسسات الرسمية، وجامعات، وطلّابها السابقون، مشيدين بإرثها الفني والإنساني، وبشغفها الذي لم يفتر طوال مسيرتها.
برحيل منصورة عليخاني، تخسر إيران واحدة من أبرز فناناتها المعاصرات، وتُطوى صفحة مبدعة جسّدت الفن بوصفه مرآة للهوية والروح.
