More

    رغم الصدامات مع رؤساء أميركا… نتنياهو دائمًا ينال مراده

    يؤكد الهجوم الأميركي الأخير على المنشآت النووية الإيرانية حقيقة لطالما ميّزت مسيرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: فرغم توتر علاقاته المتكررة مع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين، إلا أنه غالبًا ما ينتهي به الأمر محققًا ما يصبو إليه.

    قبل أكثر من شهر بقليل، بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتجاهل نتنياهو، حين أجرى جولة في الشرق الأوسط دون زيارة إسرائيل، الحليف الإقليمي الأقرب لواشنطن. الأسوأ بالنسبة لنتنياهو كان رفع العقوبات عن سوريا وحديث ترامب عن إمكانية إحياء الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما لطالما عارضه نتنياهو بشدة.

    لكن بعد خمسة أسابيع فقط، قصفت الولايات المتحدة المنشآت النووية الإيرانية، محققة بذلك حلمًا راود نتنياهو لعقود: إقناع واشنطن باستخدام قوتها العسكرية لوقف البرنامج النووي الإيراني.

    علاقات متوترة… ونتائج مرضية

    على مدار أكثر من ثلاثين عامًا، اصطدم نتنياهو مرارًا بالرؤساء الأميركيين، من بيل كلينتون إلى باراك أوباما وصولًا إلى جو بايدن. وبحسب مسؤول كبير في الأمم المتحدة بالقدس، فإن “نتنياهو يبدو وكأنه اعتاد الحصول على ما يريد دون خوف من العواقب”.

    فرغم الخلافات العلنية مع كلينتون في تسعينيات القرن الماضي، استمرت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل دون انقطاع. وعندما عاد نتنياهو إلى الحكم عام 2009، شهدت علاقاته مع أوباما تدهورًا حادًا، خصوصًا في ظل التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وموقفه الحاد من الاتفاق النووي مع إيران.

    في عام 2015، ألقى نتنياهو خطابًا أمام الكونغرس الأميركي – بدعوة من الجمهوريين ودون تنسيق مع البيت الأبيض – هاجم فيه الاتفاق مع طهران، ما أثار غضب أوباما. ومع ذلك، قدّمت واشنطن في العام التالي أكبر حزمة مساعدات عسكرية لإسرائيل في تاريخها، بلغت 38 مليار دولار لعشر سنوات.

    التحالف مع ترامب… رغم البداية المتعثرة

    عقب هجوم حماس في تشرين الأول/أكتوبر 2023، زار الرئيس بايدن إسرائيل لإظهار الدعم، وسمح بتدفق الأسلحة الأميركية. لكن التوترات تصاعدت بين الطرفين، خصوصًا مع تزايد القلق الأميركي من عدد الضحايا المدنيين في غزة.

    وبعد خسارة بايدن الانتخابات الرئاسية أمام ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بدا أن نتنياهو حصل على شريك جمهوري في البيت الأبيض، إلا أن العلاقات لم تكن سلسة في البداية. إذ فاجأ ترامب نظيره الإسرائيلي خلال اجتماع في نيسان/أبريل بالإعلان عن انخراطه في محادثات مع إيران، سعيًا لحل دبلوماسي.

    غير أن الموقف الأميركي تغيّر لاحقًا. فمع شنّ إسرائيل لهجوم جوي على إيران في 13 حزيران/يونيو، سارعت إلى دعوة الولايات المتحدة للانضمام إليها، داعية ترامب إلى الوقوف “مع الجانب المنتصر من التاريخ”.

    انتشرت في شوارع تل أبيب لوحات كتب عليها: “سيدي الرئيس، أنجز المهمة!”، ولم يطل الوقت حتى جاءت الضربة الأميركية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية، لتُستقبل في إسرائيل بترحيب شديد.

    نهاية تكرّس “نهج نتنياهو”

    في خطاب مقتضب عقب القصف الأميركي، قال نتنياهو:

    “تهانينا للرئيس ترامب. قرارك الجريء باستهداف المنشآت النووية الإيرانية سيغيّر مجرى التاريخ. ليبارك الله تحالفنا الراسخ وإيماننا الثابت.”

    بهذا، يُكرّس نتنياهو مرة أخرى نمطه السياسي المعتاد: التحدي العلني للبيت الأبيض، مع ضمان بقاء الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي ثابتًا – بل ويتصاعد.

    ويظل السؤال مفتوحًا: هل هذا النمط يعكس براعة سياسية نادرة؟ أم أن التحالف الأميركي الإسرائيلي أقوى من أن تؤثر فيه أي صدامات شخصية، مهما بلغت حدّتها؟

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img