More

    برّاك يُكمل مهمة هوكشتاين: مفاوضات على جبهتين لتثبيت الحدود

    تشير عودة الموفد الأميركي توماس برّاك إلى لبنان بعد ثلاثة أسابيع من الغياب إلى تطورات لافتة، لا سيما أنها جاءت بعد التهدئة في المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية. لكن هذه العودة لم ترتبط فقط بالملف الإقليمي، بل فتحت مجددًا باب التحرك في الملفات اللبنانية العالقة، خصوصًا ما يتصل بالإصلاحات المالية والاقتصادية، في ضوء ما يُرتقب من تغييرات على مستوى الاتفاق النووي الإيراني.

    ورقة تفاوض مزدوجة

    في زيارته الأخيرة، حمل برّاك مقترحات شاملة وضعها في ورقة تُعدّ خريطة طريق لمهمته، والتي تُعدّ استكمالًا لما بدأه الموفد الرئاسي السابق آموس هوكشتاين. وتركّز هذه المهمة على ملف تثبيت الحدود الدولية للبنان شرقًا وشمالًا وجنوبًا، ما يجعل من برّاك طرفًا رئيسيًا في مفاوضات تشمل كلًّا من لبنان وسوريا وإسرائيل.

    ففي الشق المتعلق بالمفاوضات مع إسرائيل، يسعى برّاك إلى إعادة تفعيل البحث في النقاط الحدودية التي علّقت إثر تصاعد المواجهة بين إسرائيل و”حزب الله” صيف العام الماضي. وتؤكد مصادر متابعة أن هذه المواجهة أدّت إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار، لا تزال إسرائيل تخرقه عبر اعتداءاتها واستمرار احتلالها خمس نقاط حدودية جديدة، ما أضاف عناصر خلافية على الطاولة، أبرزها الانسحاب من “التلال الخمس”.

    مفاوضات مباشرة مع سوريا

    أما في ما يخص مزارع شبعا وبقية النقاط الحدودية المختلف عليها، فتتمثل مهمة برّاك بالتفاوض المباشر مع دمشق، نظرًا إلى صفته كمبعوث خاص إلى سوريا. وتشير المعلومات إلى أن لبنان منخرط أيضًا في خط الاتصالات الأميركية – السورية، عبر اجتماعات بين مسؤولين لبنانيين وأميركيين، بهدف بلورة مقترحات لحل القضايا العالقة.

    وتتجاوز المهمة الجديدة تطبيق ما تم التوصل إليه مع هوكشتاين، خصوصًا أن خلفه مورغان أورتاغوس لم يُتابع تنفيذ الاتفاقات بجدّية، فيما يفرض الواقع الإقليمي المتغير توسيع دائرة التفاوض لتشمل نتائج الحرب الأخيرة.

    لبنان الرسمي يراقب بصمت

    في المقابل، يتخذ لبنان الرسمي موقف المراقب من التطورات، خصوصًا على صعيد الصراع الإيراني – الإسرائيلي، والدور الأميركي في تهدئته. وقد بدا هذا الموقف منسّقًا مع الخارج، ويهدف إلى تجنيب البلاد الانزلاق إلى فتح جبهة الجنوب مجددًا، عبر الحد من تحركات “حزب الله”.

    وتعتبر الأوساط الرسمية أن هذا الموقف يُعدّ إنجازًا، بحسب ما أكّده رئيس الحكومة خلال زيارته إلى قطر، والتي تكتسب رمزية خاصة في أعقاب الاعتداء الإيراني على الدوحة قبل أيام. وتُعدّ هذه الزيارة بداية لانطلاق مسار دبلوماسي جديد، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن “الحرب قد انتهت”.

    من الترقب إلى تنفيذ الالتزامات

    مع انتقال لبنان من حالة الترقب إلى مرحلة التحرك، يُنتظر أن تبدأ السلطات بتنفيذ التزاماتها، لا سيما ما يتعلّق بتطبيق القرار الدولي 1701، ونزع سلاح “حزب الله”، تزامنًا مع ورشة الإصلاحات المالية والتشريعية. وقد أطلق رئيس مجلس النواب نبيه برّي إشارة البدء بدعوة الهيئة العامة للانعقاد، وعلى جدول أعمالها إقرار عدد من القروض الدولية، أبرزها للكهرباء.

    وفي انتظار الأيام القليلة المقبلة، سيتركّز الرصد على مدى التزام إيران باتفاق وقف النار، وتحديدًا قدرتها على ضبط تحركات أذرعها في المنطقة، وفي طليعتها “حزب الله”، ضمن اختبار دقيق لمستقبل الاستقرار في لبنان والمنطقة

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img