أثار الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملياردير الأميركي إيلون ماسك بالرئيس اللبناني جوزف عون اهتماماً واسعاً، خصوصاً أنه يأتي في توقيت حرج اقتصاديًا وتقنيًا للبنان، وسط تساؤلات حول دلالاته العملية وما إذا كانت مشاريع ماسك ستجد موطئ قدم في البلد المنهك.
ووفق بيان صادر عن القصر الجمهوري، أبدى الرئيس التنفيذي لشركات “تسلا”، “سبيس إكس” ومنصة “إكس” رغبته في دخول السوق اللبنانية، وتحديدًا في قطاع الاتصالات والإنترنت، مرحبًا بأن تكون لشركاته حضور مباشر في بيروت. من جهته، رحّب عون بهذه المبادرة، مؤكداً استعداد الدولة اللبنانية لتقديم التسهيلات الممكنة، ضمن الأطر القانونية المرعية.
وعلمت “النهار” من مصدر مطلع أن الاتصال بين الطرفين جاء على خلفية زيارة وفد من شركة “ستارلينك” إلى لبنان قبل نحو أسبوعين، حيث التقى أعضاء الوفد بالرئيس عون وقدّموا له عرضًا تقنيًا حول الخدمات التي توفّرها شبكتهم للإنترنت عبر الأقمار الصناعية. وتشير المعلومات إلى أن الانطباع الإيجابي الذي نقله الوفد بعد الزيارة ساهم في تسريع وتيرة التواصل مع الشركة الأم، ما تُوّج باتصال مباشر من ماسك بالرئيس عون.
وأوضح المصدر أن المبادرة الحالية تركز على “ستارلينك” كمرحلة أولى، على أن تُبنى عليها خطوات لاحقة قد تشمل “تسلا”، وفقاً لتطور العلاقات والاستعدادات على الأرض، مضيفًا: “الخطوات ستكون تدريجية، وليس من المتوقع أن تُقحم تسلا في المرحلة الأولى.”
وفي إطار متصل، كان عون قد استقبل المدير العالمي لترخيص وتطوير خدمات “ستارلينك”، سام تارنر، الذي أطلعه على سير المفاوضات الجارية مع وزارة الاتصالات اللبنانية، بهدف إدراج لبنان ضمن الدول التي تشملها خدمة “ستارلينك”، والتي باتت تتوافر حاليًا في 136 دولة حول العالم.
وبحسب تارنر، فإن الخدمة تتيح تحسين جودة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية بشكل كبير، بما يعود بالنفع على قطاعات حيوية مثل الصناعة، التجارة، المصارف، التعليم، والإدارات العامة، ما يُعد نقلة نوعية في البنية التحتية الرقمية للبنان.
لكن دخول “ستارلينك” إلى السوق اللبنانية لا يزال محفوفًا ببعض التحديات التنظيمية، أبرزها غياب الهيئة الناظمة للاتصالات، والتي من المفترض أن تمنح التراخيص بشكل قانوني. ومع ذلك، تشير المعلومات إلى أن بعض الجهات لم تنتظر استكمال الإجراءات الرسمية، إذ بدأت “ستارلينك” بإجراء تجارب ميدانية بعد الحصول على موافقة مبدئية من الأجهزة الأمنية، بشرط تمكين الأخيرة من الوصول إلى بيانات الشبكة عند الحاجة، وهو ما وافقت عليه الشركة.
ورغم الحماس الظاهر، يلف الغموض الجوانب المالية للمشروع، لا سيما أن الاشتراك بخدمة “ستارلينك” يُعد مكلفاً نسبياً، ما قد يحصر فائدته في المرحلة الأولى بفئات محدودة من رجال الأعمال والمؤسسات القادرة على تغطية التكاليف.
ورأى المصدر أن لبنان “بحاجة إلى رؤية واضحة حيال طبيعة الخدمات التي ستُعرض، والتسهيلات الممكن تقديمها، لتأمين بيئة تنظيمية واستثمارية ملائمة لهذه النوعية من المشاريع المستقبلية”.