أشارت صحيفة “عكاظ” السعودية إلى أن “منطقة الشرق الأوسط شهدت، خلال الشهور القليلة الماضية، العديد من المتغيرات التي نتجت عنها تغييرات جذرية في عدد من الدول مثل سوريا، التي انتهى حكم البعث البائد فيها وسقط إلى غير رجعة كما سقط قبله قبل قرابة العقدين حزب البعث العراقي، كما شهدت لبنان تحولاً كبيراً بانهيار “حزب الله” وقتل الكثير من زعمائه، هذا الحزب الذي ظل لأكثر من أربعة عقود حليفاً قوياً للنظام السوري البائد ولبعض القوى الإقليمية، ومن المؤكد أن سقوط نظام بشار الأسد أدى لانهيار الحزب الذي وجد الدعم الكبير من نظام الأسد الأب والابن”.

ورأت أن “أن هذه التحولات في سوريا ولبنان يمكن وصفها بالإيجابية؛ لأنها أعادت سوريا إلى التحالف الإقليمي وخاصة مع دول الخليج العربي، التي شهدت توتراً خاصة خلال العقد الماضي، لقد تحررت سوريا من حكم البعث الذي ظل مسيطراً على المشهد السوري لأكثر من خمسة عقود، ولقد أظهر النظام الجديد في سوريا حسن النوايا مع دول المنطقة، وهو ما دفع المملكة العربية السعودية بثقلها السياسي والاقتصادي للمساهمة في رفع العقوبات التي فُرضت على سوريا لسنوات طويلة”.

وأوضحت أنه “في لبنان وصل الرئيس جوزاف عون إلى الرئاسة بعد غياب سلطة رئيس لبنان لسنوات بسبب سيطرة النظام السوري على مناحي الحياة السياسية في لبنان، وبتفكك النظام السوري تحررت لبنان من هيمنة البعث السوري وهيمنة بعض القوى الإقليمية، وبلا جدال يحق للشعب اللبناني أن يفرح بزوال هذا النظام الذي أثقل كاهل الشعب اللبناني بتدخله في النواحي السياسية والاقتصادية، مما أثر على علاقة لبنان ببعض دول المنطقة، ومن بوادر الانفراج اللبناني هو ترؤس نواف سلام الحكومة اللبنانية، وهو الأكاديمي والقاضي والسياسي المخضرم الذي يحتفظ بعلاقات قوية مع الكثير من الدول العربية والغربية، وهو ما سيسهم في استقرار لبنان على المديين القريب والبعيد معاً”.
وأضافت: “لقد أبدت حكومتا سوريا ولبنان حتى الآن الرغبة الصادقة في إعادة الاستقرار لهاتين الدولتين وإعادة جسور الصداقة بينهما وبين دول العالم وخاصة الدول العربية، ولعل أولى الخطوات التي ستمهد إلى استقرار لبنان هي سيطرة الحكومة اللبنانية على كل شبر من أراضيها، ونزع السلاح من حزب الله ومن أي قوى أخرى من أجل حصر السلاح والقرار السياسي في يد الدولة والحكومة الشرعية فقط، ذلك أن استمرار هيمنة حزب الله على السلاح سينسف كل جهود حكومة لبنان الداعية إلى استقراره، ويفتح الباب على مصراعيه لتتدخل قوى أخرى خارجية في الشأن اللبناني كما كان الأمر لعقود طويلة”.
وأشارت إلى أن “استمرار الدعم الإقليمي لسوريا ولبنان مرهون باستقرار النظامين، فدول العالم لا يمكن أن تقدم أي دعم لحكومات مضطربة أو تعاني من حروب أهلية، ذلك أن الدعم غايته النهائية حماية الشعب والحفاظ على استقراره، وعدم وجود حكومة مستقرة في أي بلد سيقف عقبة أمام الكثير من الأمور منها النشاط السياحي والاقتصادي بل والسياسي أيضاً”، لافتة إلى أن “أمام سوريا ولبنان فرصة تاريخية ظلت غائبة لعقود، أولها التخلص من هيمنة بعض القوى الخارجية على البلدين، وإنهاء وجود حزب الله”.
وأوضحت أن “لبنان بلد ثري بمقوماته السياحية، والفرصة الآن ذهبية وتاريخية لكي تستقر سوريا ولبنان، نعم هناك المزيد من الجهود التي يتعين على حكومتي لبنان وسوريا القيام بها لتحقيق الاستقرار، إلا أن دعم الشعب السوري والشعب اللبناني لحكومتيهما كفيل بأن تحقق كلتا الحكومتين الحاليتين أهدافهما، فبدون هذا الدعم الشعبي ستظل سوريا ولبنان عرضة للتدخل الخارجي كما كان سابقاً، ولذلك فالرهان الحقيقي لاستقرار سوريا ولبنان يقع على شعبيهما؛ حيث يتوجب على كل من الشعب السوري واللبناني الالتفاف حول قيادتيهما، وعدم المراهنة على أي قوى أخرى تسعى لتفكيك الجبهة الداخلية”.