More

    محمد ورزان وأمل.. أطفال ينهشهم التجويع الإسرائيلي


    بأجساد نحيلة كأنها هياكل عظمية، يرقد الأطفال محمد ورزان وأمل بمستشفيين بقطاع غزة، بعدماأنهكتهم أمراض ناجمة عن الجوع وسوء التغذية الحاد، جراء حرب إبادة جماعية يشنها الاحتلال منذ 21 شهراً على الفلسطينيين.

    وعلى أسرّة العلاج تختفي مظاهر الطفولة عن وجوه الثلاثة؛ إذ لا تظهر عليهم أي استجابة للعب أوالتفاعل، ويقضون معظم أوقاتهم في حالة خمول تام، نتيجة الهزال الشديد وسوء التغذية.

    مع هذا المشهد الناجم عن حرب الإبادة الإسرائيلية، يرتفع أنين الأطفال المرضى الذين أنهكهم الجوع،فيما يبذل الأطباء جهودا مضنية لتقديم الحد الأدنى من الرعاية، وسط نقص حاد في الإمكانات.

    وبينما تتصاعد التحذيرات من داخل قطاع غزة من انهيار النظام الصحي، تتفشى المجاعة بصمت بينآلاف الأطفال الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة بوجه التجويع الممنهج الذي يمارسه الاحتلال.

    ورغم تدهور الأوضاع الصحية وتصاعد تحذيرات المجاعة، تواصل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، منعإدخال الغذاء والماء إلى غزة، متجاهلة بذلك الدعوات الدولية المتكررة لفتح المعابر أمام المساعداتالإنسانية.

    والجمعة، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن نحو 112 طفلافلسطينيا يدخلون المستشفيات بقطاع غزة يوميا لتلقي العلاج من سوء التغذية منذ بداية العام الجاري،جراء الحصار الإسرائيلي الخانق.

    وأعلنت مصادر طبية، ارتفاع عدد الأطفال الذين قضوا جراء سوء التغذية الحاد إلى 66 منذ السابع منتشرين الأولأكتوبر 2023، نتيجة تشديد الاحتلال الإسرائيلي حصاره على القطاع ضمن استخدامالتجويع سلاحا لإبادة المدنيين“.

    وفي مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع، تقف أم عاجزة أمام رضيعها محمد اللوح،البالغ من العمر 3 أشهر، غير قادرة على توفير الحليب الذي يحتاجه بشدة.

    ومنذ لحظاته الأولى في الحياة، لم يعرف الطفل سوى الجوع والحصار، ولد في قلب المجاعة، ولم يريوماً جميلاً كغيره من أطفال العالم.

    وخلال الأشهر الثلاثة منذ ولادته، تنقل الطفل مع عائلته بين النزوح والحرمان، دون أن ينعم بيوم آمنحيث سرقت طفولته مبكرًا وسط حرب لا ترحم ولا تترك له حق البكاء كما يفعل أطفال العالم فيسنواتهم الأولى.

    تقول للأناضول: “طفلي يعاني من سوء تغذية والتهابات صدرية نتيجة نقص الحليب، والمستشفيات لاتملكه، والمعابر مغلقة بسبب الحصار“.

    ولا يختلف الحال كثيرا لدى والدة الطفلة رزان أبو زاهر، التي تجلس بجانب صغيرتها المريضة متمنية أنتستعيد عافيتها.

    تقول الأم، رزان تعاني من حرارة مستمرة وضعف عام، وكل يوم يمر حالتها تزداد سوءًا بسبب نقصالطعام والماء.

    وتضيف أن طفلتها حرمت من الحليب المغذي وحبوب القمح الجاهزة “السيريلاك، ما فاقم تدهورحالتها الصحية.

    أما الطفلة أمل، فترقد في قسم الأطفال بـمجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب القطاع، بجسد هزيلتبرز منه عظام صدرها بوضوح، جراء معاناتها من حساسية القمح، في وقت لا يتوفر فيه بديل غذائيمناسب وسط تفاقم المجاعة.

    يقول والدها: “أصيبت بسوء تغذية بعد النزوح، وشخص الطبيب حالتها بحساسية قمح، ونصحنا بتوفيرلحوم وفواكه، لكن كل شيء مفقود“.

    ويشير إلى أن وزنها انخفض من 20 كغم إلى 12 كغم بسبب الجوع.

    وقال مصدر طبي في قسم الأطفال بمستشفى شهداء الأقصى: “نشهد ازدحاما شديدا في القسم حيثنستقبل ما بين 50 إلى 60 حالة يوميا، معظمها التهابات صدرية ومعوية وحمى شوكية، ترتبط بشكلمباشر أو غير مباشر بسوء التغذية“.

    وأضاف: “لا تتوفر لدينا أي أنواع من الحليب الصناعي، وسوء التغذية يضعف مناعة الأطفال، ويجعلهمأكثر عرضة للإصابة بالأمراض“.

    ويغلق الاحتلال منذ 2 آذارمارس الماضي بشكل محكم معابر غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعداتمكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزةإلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.

    وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بدأت في 27 أيارمايو آلية أميركيةإسرائيليةلتوزيع مساعدات محدودة بواسطة “مؤسسة غزة الإنسانية، والتي تحولت نقاط توزيعها إلى “مصائدموت، حيث استشهد أكثر من 600 مواطن وأصيب 4278 آخرون على الأقل، بغارات ونيران الاحتلالأثناء انتظارهم لتلقي المساعدات، وفق المصادر الطبية.

    ومنذ السابع من تشرين الأولأكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، إبادة جماعية فيقطاع غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدلالدولية بوقفها.

    وخلفت الإبادة أكثر من 191 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img