في بلدٍ تسطع فيه الشمس لأكثر من 300 يوم في السنة، خطت البصرة أولى خطواتها نحو التحوّل في مشهد الطاقة، مع إطلاق أول محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط، ضمن اتفاق ضخم مع شركة TotalEnergies الفرنسية وبدعم قطري. المشروع الذي تتجاوز قيمته 27 مليار دولار يشمل تطوير حقل أرطاوي، وتحلية مياه البحر، إضافة إلى إنشاء محطات شمسية متعددة.
وبحسب وزير النفط العراقي المهندس حيان عبد الغني السواد، من المتوقع الانتهاء من المرحلة الأولى بقدرة 250 ميغاواط قبل نهاية العام الجاري، في حين يُرتقب تشغيل المحطة بالكامل في مراحل لاحقة، ضمن العقد الموقّع مع الشركة الفرنسية.
رغم أهمية هذا الإنجاز، فإن مساهمة الطاقة الشمسية في العراق لا تزال تشكل أقل من 1% من الإنتاج الوطني، ما يعكس حجم التحديات أمام الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة. فالعراق، الذي يملك إمكانات ضخمة في هذا المجال، لا يفتقر إلى الشمس أو الأراضي أو الكفاءات، بل إلى الرؤية والإرادة السياسية التي تترجم الطموحات إلى واقع ملموس.
ورغم بريق المشاريع الكبرى، فإن محطة واحدة – مهما بلغت قدرتها – لا تكفي لسدّ الفجوة المتنامية بين العرض والطلب، ولا تُحدث تغييراً جذرياً في نظام طاقة يعتمد بشكل شبه كلي على الوقود الأحفوري.
فالتحول إلى الطاقة المتجددة ليس مجرد مشروع احتفالي أو لوحة دعائية، بل مسار طويل يتطلب إصلاحات عميقة، وخططاً استراتيجية واضحة، واستثماراً مستداماً في البنية التحتية والتشريعات.
هل يكون هذا المشروع فاتحة حقيقية لعصر جديد من إنتاج الطاقة في العراق؟ أم يبقى وهج الشمس حارقاً في سماء بلدٍ لا يزال يستهلك أكثر مما يُنتج؟
اللحظة مفصلية، والطاقة لا تنتظر المترددين.