شيّع مئات المواطنين، اليوم الإثنين، جثمان الصحفي البارز في قناة الجزيرة أنس الشريف في شوارع مدينة غزة، بعد يوم من استشهاده مع أربعة من زملائه في غارة جوية للعدو، ما أثار إدانة واسعة على الصعيد الدولي.
وقال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن الشريف، أحد أبرز وجوه الجزيرة في القطاع، استشهد مساء الأحد داخل خيمة مخصصة للصحفيين خارج مستشفى الشفاء في غزة، إلى جانب الصحفي محمد قريقع، مراسل قناة الجزيرة، والمصورين الصحفيين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، وسائق الطاقم، والصحفي محمد الخالدي، بالإضافة إلى إصابة الصحفي محمد صبح.
وجمعت مراسم التشييع في مقبرة الشيخ رضوان وسط غزة العشرات من الأصدقاء والزملاء وأفراد العائلات الذين ودعوا الشهداء، حيث وُضعت جثامينهم ملفوفة بالأكفان البيضاء في مجمع مستشفى الشفاء قبل الدفن.
وأقرت قوات الاحتلال بتنفيذ الغارة، متهمة الشريف بأنه كان قائدا لخلايا تابعة لحركة حماس، وهو ما رفضته قناة الجزيرة والشريف نفسه سابقا واعتبرته اتهامات لا أساس لها.
ونشرت قوات الاحتلال عبر حسابها على منصة “إكس” وثائق تزعم ارتباطات بين الشريف وحماس، لكن لم تُعرض هذه الوثائق على وسائل الإعلام المستقلة للتحقق منها.
وأكدت منظمات دولية معنية بحرية الصحافة، مثل لجنة حماية الصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود، أن العدو تعمد استهداف الصحفيين، ودعت إلى تدخل دولي عاجل لوقف هذه الجرائم.
وقالت الجزيرة في بيان إن الهجوم جاء في “محاولة يائسة لإسكات الأصوات قبيل احتلال غزة”، ووصفت الشريف بأنه “أحد أشجع صحفيي غزة”.
وفي رسالة نُشرت بعد وفاته على حسابه في “إكس”، كتب الشريف في 6 نيسان/ أبريل الماضي أنه عاش “الألم بكل تفاصيله وتذوق المعاناة والفقد مرات عديدة، لكنه لم يتردد لحظة في نقل الحقيقة كما هي دون تحريف أو تزوير”.
وأضاف في رسالته الأخيرة: “ليشهد الله على من صمتوا، ومن رضوا بقتلنا، ومن خنقوا أنفاسنا، ومن قلوبهم لم تتحرك من بقايا أطفالنا ونساءنا المتناثرة، ولم يفعلوا شيئا لوقف المجازر التي يواجهها شعبنا لأكثر من عام ونصف”.
يُذكر أن العدو منع دخول الصحفيين الدوليين إلى غزة بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، ما جعل مهمة توثيق الحرب تقع على عاتق الصحفيين الفلسطينيين، الذين عانوا من التشريد وفقدان أحبائهم وتدمير منازلهم، وغالبا ما عملوا في ظروف خطرة للغاية.
وقالت لجنة حماية الصحفيين إن 186 صحفيا على الأقل “قُتلوا” منذ بداية الحرب، فيما تشير بيانات مكتب الإعلام الحكومي في غزة إلى استشهاد 237 صحفيا على يد القوات الصهيونية، وسط نفي صهيوني لاستهداف الصحفيين عمدا.
وفي تقرير صادر عن مشروع “تكاليف الحرب” بجامعة واتسون للعلوم السياسية والعلاقات الدولية، جاء أن عدد الصحفيين الذين “قُتلوا” في غزة منذ بدء الحرب يفوق عدد القتلى من الصحفيين في كل من الحربين العالميتين وحرب فيتنام وحروب يوغوسلافيا والحرب الأمريكية في أفغانستان مجتمعة