كشفت مصادر مطلعة أن شركتي صناعة الرقائق الأميركيتين، “إنفيديا” وAdvanced Micro Devices (AMD)، وافقتا على دفع 15% من الإيرادات الناتجة عن مبيعات رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الصين للحكومة الأميركية، في إطار اتفاق مالي غير مسبوق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب ما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة – فضلت عدم الكشف عن هويتها لعدم حصولها على إذن للتصريح – فإن الاتفاق جاء بعد حصول “إنفيديا” الشهر الماضي على موافقة مبدئية لبيع نسخة معدلة من رقاقاتها للذكاء الاصطناعي إلى الصين.
وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت حينها منح الضوء الأخضر لبيع رقاقة H20 إلى السوق الصينية، لكن دون إصدار التراخيص اللازمة، قبل أن يلتقي الرئيس التنفيذي لـ”إنفيديا”، جنسن هوانغ، بالرئيس ترامب في البيت الأبيض الأربعاء الماضي، حيث تم الاتفاق على منح الحكومة الأميركية حصتها البالغة 15% من الإيرادات، وهو ما وصفه المطلعون على الصفقة بأنه يجعل الحكومة شريكاً فعلياً في أعمال الشركة بالصين. وبعد يومين فقط، بدأت وزارة التجارة الأميركية إصدار تراخيص تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي.
وفي إطار تحليل أبعاد الاتفاق، قال د. إسلام محمد سرور، المستشار القانوني والاجتماعي والخبير في القانون الدولي وتقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في مقابلة مع صحيفة “النهار”:
“في ظل موافقة شركتي إنفيديا وAMD على دفع 15% من إيراداتهما من مبيعات رقائق الذكاء الاصطناعي في الصين للولايات المتحدة، يجب النظر بدقة إلى طبيعة هذه النسبة: هل يمكن توصيفها على أنها رسم أم ضريبة؟”
وأوضح د. سرور أن الحكومة الأميركية – وفق ما نُشر في 11 آب/أغسطس 2025 بعدد من الصحف العالمية – توصلت إلى اتفاق مالي مع الشركتين، يمنح بموجبه جزء من المبيعات كشرط أساسي للحصول على تراخيص التصدير إلى الصين، وهو ما يثير جدلاً سياسياً وقانونياً، بل ويطرح تساؤلات حول دستورية فرض مثل هذه النسبة على صفقات التصدير.
وأشار إلى أن الفارق بين الرسم والضريبة جوهري في النظرة القانونية، فـ”الرسم” يكون مقابل خدمة يحصل عليها المفروض عليه الرسم، أما “الضريبة” فهي التزام مالي تفرضه سلطة ضريبية دون ارتباط بخدمة محددة، وتكون إلزامية.
وأضاف أن المادة (ArtI.S9.C5.1) من الدستور الأميركي، والمعروفة بـ”بند التصدير”، تحظر على الكونغرس فرض ضرائب أو رسوم جمركية على السلع المصدّرة من أي ولاية أميركية، وهو ما يجعل النسبة (15%) محل شبهة عدم دستورية، خاصة وأنها لا تنطبق عليها صفة الرسم ولا يمكن اعتبارها ضريبة مشروعة.
كما استشهد بتصريح بيتر هاريل، كبير مديري الشؤون الاقتصادية الدولية بالبيت الأبيض في إدارة بايدن، الذي نشر على منصة “إكس” في 11 آب/أغسطس 2025، مؤكداً فيه أن “الدستور الأميركي يحظر حظراً قاطعاً ضرائب التصدير”، إلى جانب ما تحمله هذه الخطوة من تبعات سياسية.
ويرى د. سرور أن الاتفاق قد يفرغ قيود التصدير من مضمونها الأمني والاقتصادي، إذ يُفهم منه أنه يمكن تجاوز مقتضيات الأمن القومي الأميركي مقابل الدفع، في حين أن خطة الذكاء الاصطناعي الأميركية الصادرة في يوليو 2025، وخاصة ركيزتها الثالثة، تؤكد على الريادة في الدبلوماسية والأمن الدوليين عبر تصدير الذكاء الاصطناعي للحلفاء والتصدي للتأثير الصيني في الحوكمة الدولية، لا على تسهيل التصدير مقابل عوائد مالية.
وفي ختام حديثه، شدد د. سرور على أن القرار في نهاية المطاف يعود إلى شركتي “إنفيديا” وAMD لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد الإدارة الأميركية إذا رأت الشركتان أن حقوقهما الدستورية قد انتُهكت، مضيفاً:
يبقى السؤال: هل تمثل هذه الصفقة بداية لتحالف سياسي جديد بين واشنطن وبكين؟ وهل ستشهد المرحلة المقبلة تعديلات تشريعية لتجاوز القيود الدستورية؟”
هل ترغب أن أضيف فقرة قصيرة تلخص التداعيات الاقتصادية المتوقعة على سوق الرقائق العالمية؟