أسقطت الجزائر تحفظاتها عن جوهر المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”، المعتمدة عام 1979، والتي تنص على المساواة الكاملة بين الجنسين. وكانت الجزائر قد تحفّظت على هذه المادة عند مصادقتها على الاتفاقية سنة 1996، خصوصاً ما يتعلّق بحرية المرأة في التنقّل واختيار محلّ السكن.
الخطوة التي أعلنت عنها السلطات الجزائرية فتحت الباب لنقاش واسع داخل النخب والرأي العام، بين من يعتبرها خروجاً عن الأعراف والتقاليد المتوارثة، ومن يراها محطة طبيعية في مسار تحديث المجتمع.
تعزيز الأهلية القانونية للنساء
توضح المحامية والناشطة الحقوقية فريدة عبري لـ”النهار” أنّ “الجزائر ستكون ملزمة بمنح النساء أهلية قانونية مماثلة للرجل من دون أي وصاية أو اشتراط موافقة ولي أو زوج”. وتؤكد أنّ القرار يكرّس حق المرأة في اختيار محل السكن، وشراء وبيع العقارات، وتوقيع عقود الكراء والسفر بحرية، مع حماية دولية تمنع أي تضييق إداري أو قضائي.
وتشير عبري إلى أنّ الخطوة “تفرض مراجعة عاجلة لقانون الأسرة الجزائري، منعاً للتناقض بين ما التزمت به الدولة دولياً وما يطبَّق داخلياً”.
من جهته، يرى النائب البرلماني محمد مشقق أنّ “أي رفع لتحفظات على اتفاقية دولية يعني التزاماً جديداً يتبعه تعديل قانوني لترجمته محلياً”، مؤكداً أنّ الجزائر “كانت دائماً في مستوى التزاماتها الدولية”.
أما الإعلامي مصباح قديري، فيعتبر أنّ القرار “لا يتعارض مع الدستور الجزائري الذي ينص على المساواة وعدم التمييز”، مشدداً على أنّه “خطوة مهمة نحو تمكين المرأة الجزائرية من ممارسة حقوقها بحرية كاملة، مع الحفاظ على ثوابت المجتمع والدين”.
القرار أثار تفاعلاً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي. فقد اعتبر المرشّح الرئاسي الأسبق والناشط السياسي خرشي النوي أنّ الخطوة “قد تفاقم نسب الطلاق”، متسائلاً: “ما الذي تغيّر حتى ترفع السلطات تحفظاتٍ أبدتها سابقاً؟ وما الضغوط التي مورست عليها لتفضّل إرضاء الغرب على حساب أعراف المجتمع وتقاليده ودينه؟”.
وبينما يصفه مؤيدون بأنه انتصار لحقوق المرأة، يرى معارضون أنّه تحدٍّ للأعراف والتقاليد، ما يجعل النقاش مفتوحاً حول مستقبل التوازن بين الالتزامات الدولية والخصوصية المجتمعية في الجزائر.
