أصدر نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الاثنين، إحاطة جديدة تتضمن تحديثًا جديدًا عن واقع الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، وتحديدا “جلبوع”، و”مجدو”، و”النقب”، و”الرملة”، و”عوفر”.
وقال النادي، في بيان، إنه وخلال زيارات نفذها محاموه لعدد من الأسرى في هذه السجون مؤخرًا، أكّد الأسرى مجددًا على جملة الجرائم الممنهجة التي تواصل منظومة السّجون الصهيونية ممارستها بحقّهم.
وأبرز تلك الجرائم سياسة التجويع الممنهجة، والاعتداءات وعمليات القمع، والجرائم الطبية الممنهجة، وعمليات السلب والحرمان، وتعمّد نشر الأمراض والأوبئة.
وأكّد جميع الأسرى الذين تمت زيارتهم، أنّ المضاعفات الصحيّة الناتجة عن استمرار جريمة التجويع تتصاعد بشكل ملحوظ، ولا يوجد أي تحسّن على لُقيمات الطعام التي تقدم للأسرى.
وعلى صعيد عمليات القمع والتفتيش في سجن “جلبوع”، فأكد الأسرى استمرارها بوتيرة أسبوعية، من خلال عمليات تفتيش همجية يرافقها استخدام الأسلحة والكلاب البوليسية، والاعتداءات الجسدية واللفظية، واستخدام “الفرد الكهربائي” الذي يشكّل واحدًا من أدوات تعذيب الأسرى.
وتتم عملية التفتيش أساسًا عند الساعة السادسة صباحًا في وقت إجراء الفحص الأمني، أو ما يسمى بـ”العدد”.
واستنادًا إلى عدة زيارات جرت للأسرى في سجن “عوفر”، أكّد الأسرى أنّ هناك تفشيًا واسعًا لمرض الجرب “السكابيوس” أكثر من أي وقت مضى، حتى بين صفوف الأسرى الأطفال، ولا يسمح للأسرى في أغلب الأقسام بالخروج إلى ما تسمى “الفورة” بسبب اتساع انتشار المرض.
ومع ذلك فإن إدارة السّجن تضع العديد من الأسرى المصابين مع غير المصابين، وهذا عامل مركزي في اتساع المرض.
ومقابل ذلك تحرم إدارة السجن الأسرى من العلاج اللازم والضروري، مما أدى إلى صعوبة في السيطرة على الحالات، ولفت الأطفال الذين تمت زيارتهم إلى أنّهم لم يعد لديهم القدرة على النوم بسبب الحكة الشديدة، والدماء التي تسيل من أجسادهم بسببها.
وقال النادي إنه ورغم المطالبات المستمرة بتقديم العلاج وإنقاذهم من جحيم المرض، إلا أنّ إدارة السجن معنية باستمرار انتشار المرض وتنكيـل الأسرى وتعذيبهم عبر هذه الأداة التي شكّلت إحدى أبرز أدوات التعذيب جسديًا ونفسيًا في السجون.
وبين أنّ المرض أصاب العشرات من الأسرى المرضى ومنهم من يعانون من أمراض مزمنة كالسرطان.
وأفاد المعتقل الطفل “أ. س.” أنّه يعاني من الإصابة بالجرب، ومنذ ما يزيد على الشهر وهو يعاني من حكة شديدة ومستمرة ولا يستطيع النوم من شدّة الوجع، ولا يوجد أي علاج.
وأضاف أنّ قسم (25) الذي يقبع فيه الأسرى الأطفال ينتشر فيه المرض بشكل كبير، وهناك حالات متقدمة تم حجرها، ورغم المطالبات بتقديم العلاج إلا أنه لا توجد استجابة، ولا أي تحسينات بشأن الظروف الاعتقالية كافة.
وخلال زيارة عدد من الأسرى في سجن “مجدو”، أكّد الأسرى أنّه وعلى الرغم من تقديم بعض العلاجات للجرب، إلا أنّ العديد منهم ما زالوا يعانون من الإصابة.
كما أنّ أعداد المعتقلين المرضى إجمالًا في تزايد نتيجة الحرمان المستمر من المتابعة الصحية والعلاج، وحتى من اعتُقل دون أن يعاني من مرض، أصبح يعاني بسبب الظروف الاعتقالية المأساوية والقاسية.
واستعرض النادي حالة الأسير (م. د) الذي يعاني من أوضاع صحية صعبة جدًا، حيث تعرض قبل اعتقاله لإصابة في القدم والظهر، ما تسبب بتفتت في عظم القدم.
ورغم مرور فترة على الإصابة إلا أنّه ما زال يعاني من آلام شديدة وبحاجة إلى متابعة صحية نتيجة إصابته بـ”الديسك” في الظهر.
وإلى جانب ما خلفته الإصابة، فإنه يعاني من مشاكل في القلب وارتفاع في الضغط، وهو بحاجة إلى دواء بشكل منتظم، وكان الأطباء قد حذّروه من خطورة عدم الالتزام بالدواء المخصص له، إلا أنّه ومنذ اعتقاله لا يحصل على أي نوع من الدواء، ويُعطى فقط مسكّنات وبشكل غير منتظم.
وقال نادي الأسير إن عمليات القمع والاعتداءات على الأسرى في سجن “النقب”، ما تزال مستمرة بشكل أسبوعي، حيث يتم إدخال الكلاب البوليسية، والاعتداء على الأسرى، وإطلاق الرصاص المطاطي، وتتركز عمليات القمع صباحًا أو في منتصف الليل.
وأشار إلى مخاوف الأسرى في “النقب” من عودة انتشار مرض الجرب في صفوف الآلاف من الأسرى بالوتيرة نفسها التي حصلت قبل عدة شهور، والتي تسببت باستشهاد عدد من الأسرى.
ويأتي ذلك في وقت ما تزال إدارة السجن تفرض الإجراءات نفسها وتُرسّخ العوامل المسببة للمرض، كحرمان الأسرى من أدوات النظافة الشخصية، والنقص الحاد في الملابس، وحرمانهم من التهوية والضوء المناسب، وضعف المناعة جرّاء التجويع، وحالة الاكتظاظ الشديدة.
ويضاف إلى ذلك التعمّد في وقف العلاج الذي جاء بضغط من بعض المؤسسات الحقوقية، وتحديدًا في المرحلة الأخيرة من علاج العديد من الأسرى المصابين.
وزار محامو النادي مجموعة من المرضى في “عيادة سجن الرملة”، الذي يقبع فيه 22 أسيرًا أغلبهم يعانون من مشاكل صحية مزمنة وعدد من الإصابات.
ولفت الأسرى إلى أنّ إدارة السّجن أقدمت قبل نحو أسبوع على قمع المرضى ورشّهم بالغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى اختناق عدد منهم وإغماء آخرين، عدا عن معاناة عدد من الأسرى المصابين بمرض الجرب.
يُذكر أن جزءًا من الأسرى المحتجزين في “عيادة سجن الرملة” هم من معتقلي غزة، ومنهم الأسير محمود أبو خاطر، ومحمود لبدة، وحسام الجندي.
ويبلغ إجمالي أعداد الأسرى والمعتقلين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي حتى بداية أغسطس/ آب 2025، نحو 10,800 أسير، وهذا الرقم لا يشمل المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.
ويشكّل هذا العدد الأعلى منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، وذلك استنادًا إلى المعطيات التوثيقية المتوفرة لدى المؤسسات.
في حين يبلغ عدد الأسيرات حتى تاريخ اليوم 49 أسيرة، بينهن أسيرتان من غزة، وأكثر من 450 معتقلا طفلًا.
وجدد نادي الأسير مطالبته للمنظومة الحقوقية الدولية، بالمضي قدما في اتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحقّ الشعب الفلسطيني، وفرض عقوبات على الاحتلال من شأنها أن تضعه في حالة عزلة دولية واضحة.