More

    الحصار المالي يهدد مستقبل التعليم في فلسطين

    في سابقة خطيرة تحدث لأول مرة وتحت وطأة الحصار المالي الذي تفرضه حكومة الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا، اضطرت وزارة التربية والتعليم العالي إلى تأجيل موعد بدء العام الداراسي 2025/2026 من الأول من أيلول/ سبتمبر إلى يوم الاثنين المقبل الثامن من أيلول/سبتمبر، واستثنت من ذلك مدارس القدس التي بدأ دوامها في موعده.

    كما انطلق العام الدراسي في عدد من المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، إلى جانب المدارس الخاصة.

    وزارة التربية والتعليم العالي أوضحت أن هذا التأجيل جاء نظرا لاستمرار تداعيات الأزمة المالية التي تمر بها دولة فلسطين نتيجة استمرار الاحتلال الصهيوني في الحصار الاقتصادي، وقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية، وانعكاسات ذلك على استكمال الجاهزية لبدء العام الدراسي في موعده المقرر.

    وعبر تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، فشل الاحتلال الإسرائيلي في مخططاته لتجهيل الشعب الفلسطيني، عبر استهدافه للمدارس والجامعات والأكاديميين والمدرسين والطلبة، إذ برزت العديد من التجارب الناجحة التي حافظت على “سلاح التعليم” للفلسطينيين حتى في أحلك الظروف، فمن “التعليم الشعبي” خلال الانتفاضة الأولى، إلى “مدارس التحدي” في المناطق المسماة “ج”، وصولا إلى المبادرات التعليمية خلال حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وغيرها من المبادرات التي تعكس دافعية شعبنا للاستمرار في مواجهة الغطرسة الصهيونية عبر التمسك بالتعليم كحق أساسي كفلته كل القوانين والشرائع، وكأحد السبل لتعزيز صموده على أرض وطنه والدفاع عن حقوقه كافة.

    خطوة اضطرارية

    الناطق باسم وزارة التربية والتعليم العالي صادق الخضور أكد لـ”وفا” أن تأجيل العام الدراسي خطوة أقدمت عليها الوزارة مضطرة، وهو ما لم يحدث تاريخيا حتى في أصعب الظروف السياسية، موضحا أن الوزارة اضطرت إلى تأجيل العام الدراسي هذه المرة لصعوبة الوضع المالي بالغ التعقيد، نتيجة احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية “المقاصة”، وعدم تلقي المعلمين والمعلمات والموظفين رواتبهم بانتظام منذ فترة، وبالتالي كان القرار بتأجيل العام الدراسي لمدة أسبوع على أمل أن تكون هناك حلول تمكّن الوزارة من إطلاق العام الدراسي.

    وأضاف، أن الوزارة تأمل ألا يكون هناك تأجيل جديد للعام الدراسي لأن المعطيات على الأرض صعبة جدا، وأن موضوع الحصار المالي والوضع المالي الصعب للسلطة الوطنية الفلسطينية وعدم تحويل أموال المقاصة للشهر الرابع على التوالي تركا انعكاساتهما على موضوع الرواتب والوضع العام لأولياء الأمور.

    وبين الخضور، أن التأجيل مرتبط أيضا باستكمال الجاهزية للعام الدراسي، بما يشمل موضوع أبنية المدارس، حيث إن هناك مدارس جديدة لم يكتمل بناؤها بسبب التعثر المالي وعدم تحويل وزارة المالية دفعات إلى المتعهدين نتيجة الضائقة المالية، إضافة إلى مدارس لم تكتمل أعمال الصيانة فيها، وإشكاليات متعلقة بالكتب المدرسية والمطابع المورّدة بسبب تأخر مستحقاتها، ما انعكس على تأخر توفير الكتب.

    وتواصل حكومة الاحتلال للشهر الرابع على التوالي، احتجاز جميع عائدات الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، في ظل حصار مالي خانق تفرضه على الشعب الفلسطيني، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها في قطاع غزة، وعدوانها المتواصل على الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.

    ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، زادت حكومة الاحتلال الاقتطاعات غير القانونية من عائدات الضرائب الفلسطينية، إلا أنه لأول مرة يتم احتجاز تلك العائدات لأربعة أشهر متتالية دون تحويلها إلى الخزينة الفلسطينية.

    ووفقا للمعطيات الرسمية، تواصل حكومة الاحتلال احتجاز 10 مليارات شيقل بشكل غير قانوني من الأموال الفلسطينية منذ عام 2019، بما في ذلك الخصومات الصهيونية من رسوم المعابر الحدودية (مبلغ تراكمي يقدّر بحوالي 250 مليون دولار أميركي مستحقة)، لزيادة الرسوم منذ عام 2008.

    كما تواصل حكومة الاحتلال اقتطاع مبالغ من إيرادات المقاصة تقدّر بنحو 500 مليون شيقل (نحو 136.6 مليون دولار أميركي) شهريا، توازي مخصصات الرعاية الاجتماعية للمعتقلين وأسر الشهداء، وحصة غزة، وفواتير الكهرباء والمياه، وغيرها، ما ضاعف العبء المالي على موازنة الحكومة.

    ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، تصرف الحكومة الفلسطينية أجورًا منقوصة لموظفيها، بسبب الأزمة المالية الحادة الناتجة عن زيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، وتراجع وتيرة المنح الخارجية.

    حوار مجتمعي شامل

    وأكد الخضور أن وزارة التربية والتعليم العالي تدرك أن قرار تأجيل بدء العام الدراسي له انعكاساته، موضحا أن التأجيل لأسبوع واحد يمكن معالجته من خلال التعديل على أجندة العام الدراسي، ولكن الوضع سيبدو أكثر تعقيدا في حال الاضطرار إلى تأجيل آخر.

    وتخشى الوزارة أن تتعمق الأزمة المالية للحكومة خلال الأشهر المقبلة، ما يؤدي إلى تعطّل العام الدراسي، الأمر الذي يمس بحق التعليم لما يقارب 650 ألف طالب وطالبة موزعين على 1948 مدرسة حكومية، كان يُفترض أن يبدأ عامهم الدراسي في الأول من أيلول/ سبتمبر بحسب المخطط، إضافة إلى 500 شعبة حكومية لرياض الأطفال تعطلت بسبب المشكلة ذاتها، بحسب الخضور.

    وشدد الخضور على أنه في حال استمرار الأزمة يجب الدخول في حوار مجتمعي شامل والتوافق على صيغة تحقق الحد الأدنى من الدوام، لأنه عند الحديث عن مشكلة فيجب ألا تتم معالجتها بمشكلة أخرى، وأن الوزارة تحاول مع كل الأطراف، المعلمين والمعلمات واتحاد المعلمين والشركاء، الوصول إلى صيغة تمكّن من استئناف الدوام، وتدرس مع مديريات التربية والتعليم الصيغة المثلى التي يمكن تبنيها لاستئناف العام الدراسي.

    التوفيق بين ظروف المعلم ومصلحة الطالب

    وقال الناطق باسم وزارة التربية والتعليم العالي: “نحاول التوفيق بين ظروف المعلم ومصلحة الطالب”، موجها رسالة إلى أولياء الأمور لممارسة جهد موجّه مع الوزارة لتعزيز القناعة بأهمية انتظام المسيرة التعليمية، ورسالة إلى الطلبة بأن الوزارة أُرغمت على اتخاذ هذا القرار، ورسالة إلى الكل الفلسطيني بأن التعليم هو قلعة من قلاع الحفاظ على هويتنا وانتمائنا الوطني وإنجازاتنا.

    وناشد الخضور الأطراف كافة مساعدة الوزارة على تحمل المسؤولية بالإبقاء على الدوام منتظما ولو بالحد الأدنى، منوها إلى أن الوزارة تتواصل مع جهات عدة ولم تدخر جهدا لتبني كل ما من شأنه إسناد المعلمين، سواء فيما يخص تجديد موضوع دفع الأقساط الجامعية من المستحقات، أو مواصلة دفع المواصلات للمعلمين استثناءً دون بقية الموظفين، علاوة على أي نسبة يتم صرفها من الراتب، أو إجراء تنقلات قدر الإمكان تقرب المعلمين من مكان سكناهم، وغيرها من الخطوات التي تحاول الوزارة اتخاذها لتكون سندا للمعلم.

    تقليص دوام المعلمين

    الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين أكد في بيان أصدره قبيل بدء العام الدراسي، أن “المعلم الفلسطيني لم يكن يومًا مجرد ناقل للمعرفة، بل كان ولا يزال رمزًا للعمل التربوي والوطني، وصوتًا للكرامة في وجه سياسات الاحتلال ومحاولاته المستمرة لتدمير مقومات الحياة، كما يحدث اليوم في قطاع غزة حيث تُرتكب جريمة إبادة جماعية بحق شعبنا”، مشددا على أن “معلمي فلسطين ومعلماتها أثبتوا أنهم طليعة الصمود وحصن الهوية الوطنية، رغم ما يواجهونه من معيقات وقهر اقتصادي وضغوط يومية”.

    وأشار إلى أن دوام المعلمين في المدارس سيكون ثلاثةأيام، مع مراعاة خصوصية المرحلة الأساسية الدنيا والثانوية العامة بقدر المستطاع تحقيقا للمصلحة التربوية والوطنية، ودوام الإداريين في الوزارة والمديريات ثلاثةأيام، مع مراعاة استمرار تقديم الخدمة، واستثناء مدينة القدس من أي خطوات نقابية.

    الأمين العام للاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، سائد ارزيقات، أوضح لـ”وفا” أن الأزمة الحالية هي من أخطر الأزمات التي يمر بها قطاع التعليم، وأنه لأول مرة يتم تأجيل افتتاح العام الدراسي، وأن الأمر خارج عن إطار سيطرة الجميع لكنه ناتج عن الأزمة المالية التي تسبب فيها الاحتلال الإسرائيلي من خلال احتجاز أموال المقاصةالفلسطينية للشهر الرابع على التوالي بشكل كامل، إضافة إلى تراكمات من الاحتجازات السابقة، ما تسبب في عدم إمكانية صرف الرواتب للمعلمين والموظفين كافة في الوظيفة العمومية، ما تسبب أيضا بشكل مباشر في عدم قدرتهم على تجهيز أبنائهم للذهاب إلى المدارس.

    وبين أن قرار وزارة التربية والتعليم العالي بتأجيل بدء العام الدراسي جاء بالتشاور مع الاتحاد، كجزء من أدوات الضغط على المجتمع الدولي أيضا، لأنه يجب أن يعلم العالم أجمع أن التعليم الفلسطيني في خطر نتيجة احتجاز الاحتلال الإسرائيلي الأموال الفلسطينية.

    وأكد، أن الاتحاد في تواصل مستمر مع وزارة التربية والتعليم العالي والحكومة الفلسطينية للبحث عن صيغ مشتركة وتأمين الرواتب، لإطلاق العام الدراسي وصون كرامة المعلم والطالب.

    وعن تقليص دوام المعلمين، قال ارزيقات إن المعلم في نهاية المطاف هو موظف حكومي، وعندما يتم تقليص دوام الموظفين الحكوميين يقلص دوام المعلمين، وفي هذا الإطار تم تقليص دوام المعلمين إلى ثلاثة أيام للحفاظ على استمرار العملية التعليمية والتربوية.

    وشدد على أن الاتحاد لا يريد أن يكون هناك انقطاع أو تعطيل للعملية التعليمية، وأن حق المعلم كغيره في هذا الجانب، منوها في الوقت ذاته إلى أن دوام المعلمين ثلاثة أيام غير كافٍ، ولكن هذا ما يمكن أن يتم تقديمه الآن في إطار استمرار العملية التعليمية والتربوية.

    وقال ارزيقات: “المسألة الأهم حاليا هي افتتاح العام الدراسي وبدء العملية التعليمية، وموضوع الدوام المقلص هو مؤقت إلى حين تحسن صرف الرواتب وانتظامه لجميع الموظفين، وليس فقط للمعلمين”.

    وأضاف أنه في حال توفير الراتب أو نسبة منه، سيكون افتتاح العام الدراسي في موعده بعد التأجيل، لكن إذا لم تستطع الحكومة صرف الرواتب، فسيتشاور الاتحاد مع الوزارة حول أي خطوة مقبلة.

    وتابع: “قرار التأجيل كان بالتشاور بين الاتحاد والوزارة ورئيس الوزراء في إطار تفاهم مشترك، ويجب التوافق بين جميع الأطراف في هذا الشأن لأن العملية التعليمية والتربوية ليست مسؤولية طرف بحد ذاته، بل مسؤولية الجميع من اتحاد وحكومة ومؤسسات، ومسؤولية الشعب الفلسطيني”، مشيرا إلى أن الأمر يؤثر في كل بيت فلسطيني.

    الضغط والمناصرة

    وعن دور الاتحاد في الضغط والمناصرة على المجتمع الدولي، أوضح ارزيقات أن الاتحاد عقد اجتماعات مع ممثلين عن الأمم المتحدة واليونسكو، ويتواصل باستمرار مع الاتحاد الدولي النقابي للتعليم واتحاد المعلمين العرب، في إطار المساعي إلى إنشاء صندوق للطوارئ والأزمات لإسناد المعلم الفلسطيني في ظلالأزمة المالية الممتدة منذ أكثر من أربع سنوات، والتي تفاقمت في الأشهر الأخيرة، بشكل يهدد مستقبل التعليم في فلسطين.

    وأكد أن الاتحاد لا يسعى إلى تعطيل العام الدراسي، إنما تمكين المعلمين من أداء مهمتهم التربوية والوطنية، آملا أن تتمكن الحكومة من صرف الراتب أو نسبة منه قريبا، على أن يتم التعاطي بإيجابية مع مستجدات الأزمة خلال الأشهر المقبلة.

    بدوره، شدد مجلس أولياء الأمور المركزي على أهمية استمرار التعليم الوجاهي قدر المستطاع، مؤكدا استعداده لمساندة المدارس، داعيا إلى استمرار برنامج التعليم المساند، مع التأكيد على ضرورة دوام كامل في المراحل الأساسية والثانوية العامة (التوجيهي).

    عضو مجلس أولياء الأمور المركزي عيد حسونة أوضح لـ”وفا”، أن تقليص الدوام يؤدي إلى فاقد تعليمي لدى الطالب من شأنه أن يؤثر في مستواه الدراسي، مؤكدا أن أي حلول يجب ألا تؤثر في الطالب ومستواه التعليمي وجودة التعليم.

    وأشار إلى أن الحكومة قامت بخطوات إيجابية تجاه المعلمين في موضوع أقساط الجامعات وفواتير الكهرباء والاتصالات، داعيا إلى مزيد من الخطوات التي تخفف عن المعلمين مثل خصم أي ضرائب أو أية رسوم يدفعها المعلم لوزارة المالية من مستحقات المعلم لديها لإسناد المعلم في وفائه بالتزاماته قدر الإمكان.

    ولفت إلى تفهم مجلس أولياء الأمور المركزي بأن تأجيل العام الدراسي جاء بسبب أزمة مالية متراكمة وعدم قدرة الحكومة على صرف رواتب المعلمين والموظفين، داعيا الحكومة إلى إطلاع المواطنين باستمرار على حيثيات الأزمة وتداعياتها.

    وكان رئيس الوزراء محمد مصطفى قد عقد اجتماعًا طارئًا للجنة الوزارية الاقتصادية الدائمة لمتابعة تطورات التحديات الاقتصادية والمالية القائمة، يوم الأحد الماضي، وشدد على أن الحكومة بالتعاون مع المؤسسات الوطنية بدأت باتخاذ العديد من الخطوات لمواجهة التحديات الراهنة، وذلك لإحداث تغيير واستقرار اقتصادي ومالي دائم.

    وأوضح أن من أهم الخطوات المتخذة، إطلاق البرنامج الوطني للتنمية والتطوير، الذي يتضمن 10 مبادرات، يجري تنفيذها حاليا، ستسهم في إحداث تغيير في هيكلية الاقتصاد وتخفيف الأزمة المالية، وبرنامج إصلاح مالي تنفذه وزارة المالية، يتضمن إجراءات لزيادة الدخل المحلي وإيقاف التسريب المالي وتحسين الخدمات العامة، والاتجاه نحو التحول الرقمي بالتزامن مع الإجراءات التقشفية وترشيد النفقات بالتعاون مع مختلف جهات الاختصاص.

    كما أكد العمل على زيادة الدعم الدولي، وهناك تطور كبير في هذا الاتجاه مقارنة بالسنوات الأخيرة، من خلال برنامج الدعم الأوروبي متعدد المسارات، وبرنامج الدعم المقدم من البنك الدولي كمنحة لتنفيذ مشاريع تطويرية ودعم للموازنة العامة، وبرنامج ثالث لجلب دعم مالي طارئ جرى تطويره بالتعاون مع الأشقاء العرب والشركاء الدوليين، وسيتم عرضه في مؤتمر المانحين الذي سيُعقد على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وذلك من أجل توفير دعم مالي طارئ لمدة 6 أشهر للموازنة، إلى جانب توفير ضمانات دولية لدعم برنامج السندات الحكومية لإعادة هيكلة الدين العام وحوكمته، وليس زيادته.

    وأوضح أنه بالتزامن مع ذلك كله، تستمر الجهود والعمل على استعادة أموالنا المحتجزة، وحل أزمة تكدس الشيقل بالتعاون مع سلطة النقد، بالوسائل الممكنة كافة.

    وأشار إلى أنه رغم التحديات الكبيرة أمام اقتصادنا الوطني خصوصا في ظل الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال على شعبنا وإجراءاته لمنع الاستقرار والتصدي للإنجازات السياسية التي نحققها، فإننا مستمرون في جهودنا وخطواتنا لتخطي هذه المرحلة الصعبة، مشددًا على ضرورة توسيع دائرة العمل الجماعي والورشات الوطنية بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني.

    يذكر أن استمرار الحصار المالي واحتجاز حكومة الاحتلال لأموال المقاصة التي تشكّل 70% من إيرادات المالية العامة، دفع القطاعات الحيوية كافة إلى حافة الانهيار، خاصة قطاعي الصحة والتعليم، ما يضع مسؤوليات كبيرة على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمانحين الدوليين، بضرورة الضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن كامل الأموال الفلسطينية من جهة، وتوفير دعم منتظم وكافٍ يمكّن الحكومة الفلسطينية من الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، والحفاظ على القطاعات الحيوية، التي يمكن أن يؤدي انهيارها إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار لا تُحمد عقباها.

    وخلال السنوات الأخيرة، شهدت العملية التعليمية في فلسطين اضطرابات، لم يلتحق إثرها الطلبة بمقاعدهم الدراسية بشكل منتظم، بسبب عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفي وزارة التربية والتعليم العالي، الذين تزيد نسبتهم على 57% من إجمالي عدد الموظفين الكلي في الدوائر الحكومية، وفق إحصائية لديوان الموظفين العام.

    وبينما أدت الأزمة المالية إلى اضطرابات وتعطل في العملية التعليمية في الضفة الغربية، فإن حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة حرمت أكثر من 630 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يضاف إليهم أكثر من 58 ألفا يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي الجديد. وخلّفت الحرب على غزة أكثر من 25,000 طفل ما بين شهيد وجريح، منهم ما يزيد على 10,000 من طلبة المدارس، وسط تدمير 90% من مباني المدارس الحكومية البالغ عدد أبنيتها 307.

    وحذر البنك الدولي في عدة تقارير صدرت عنه، من أن السلطة الفلسطينية تواجه مخاطر “انهيار في المالية العامة”، مع “نضوب تدفقات الإيرادات، والانخفاض الحاد في تحويلات إسرائيل لإيرادات المقاصة، والتراجع الهائل في النشاط الاقتصادي”، على خلفية العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img