ينخرط إقليم كردستان بكل طاقته في محاولة إنجاح مسار السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، بعد أن واجهت العملية عثرات متكررة. وترى سلطات الإقليم أن تركيا كانت تاريخياً الفاعل الأهم في القضية الكردية، وأن التحول الجاري سيترك تأثيراً عميقاً على مستقبل الأكراد في المنطقة عموماً، وفي كردستان العراق خصوصاً. وتعتبر مصادر سياسية أن أنقرة وصلت إلى مرحلة لا يمكنها التراجع عنها، وأنها باتت مضطرة إلى التعامل مع المسألة الكردية، وهو ما يجعل من مصلحة الإقليم بذل كل الجهود السياسية والاقتصادية والديبلوماسية لإنجاح هذه الخطوة.
خلال الأيام الماضية التقى رئيس الإقليم نيجرفان برزاني وفداً ديبلوماسياً تركياً ضم عدداً من السفراء والمسؤولين، وأكد بيان رئاسة الإقليم أن النقاش تناول تطوير التعاون المشترك والأوضاع الأمنية والتطورات في سوريا والشرق الأوسط، في إشارة غير مباشرة إلى ملف حزب العمال الكردستاني. اللقاء جاء ضمن سلسلة اجتماعات عقدها برزاني ورئيس الحكومة مسرور برزاني مع مسؤولين أتراك في الأشهر الأخيرة، بالتوازي مع استقبال وفود من حزب ديمقراطية الشعوب المقرّب من العمال الكردستاني، والسعي لتهيئة أجواء إيجابية عبر لقاءات ومؤتمرات غير رسمية بين ممثلين عن الطرفين.
ويعتبر إقليم كردستان أن نجاح هذه العملية يرتبط مباشرة باستقراره الداخلي، حيث تنتشر قوات العمال الكردستاني في مناطق متعددة من أراضيه وتشهد مواجهات مع الجيش التركي الذي أقام قواعد عسكرية داخل الإقليم. كما أن جماعات مرتبطة بالحزب تسيطر على مناطق مثل سنجار وتعيق اتفاقات سابقة لتطبيع الأوضاع فيها، فيما يترك الصراع المستمر انعكاسات على الحياة السياسية والأمنية، ويدفع آلاف القرويين إلى النزوح من بيوتهم.
ويستند الإقليم في مساعيه إلى علاقاته المتوازنة مع الطرفين، إضافة إلى شبكة علاقاته الدولية مع الولايات المتحدة ودول غربية مؤثرة، ما يجعله قادراً على لعب دور الوسيط الموثوق. كما يوظف موارده السياسية والاقتصادية والإعلامية والمدنية في خدمة العملية، إدراكاً منه أن نجاحها سيكون له أثر مباشر على استقراره ومصالحه الاستراتيجية.