اشار رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الى إن طريقة معالجة الأزمة التي يعيشها لبنان في هذه المرحلة تحتاج إلى كثير من الدقة والتعقل والحكمة وعدم التسرع، وتحتاج إلى التزام صارم بالسيادة الوطنية والكرامة الوطنية أيضًا. لا يكفي أن نطلق عناوين، ولا أن نطرح شعارات. المهم أن نلتزم بمضامين ما يحقق مصلحة هذا البلد على مستوى حفظ سيادته وكرامة أبنائه. ويعالج المشاكل بمعزل عن الضغوط والإملاءات الإسرائيلية أو الأمريكية أو غيرها، التي يستقوي بها البعض من أجل أن يفرض موازين قوى جديدة داخلية لمصلحته. ليركب على رؤوس اللبنانيين مستفيدًا من العدوانية الإسرائيلية والدعم الأمريكي لهذه العدوانية، ظنًّا من هؤلاء بأن المقاومة قد أُجهض جناحها، وقد ضعفت ونال العدو منها، فلم تعد تقوى على الوقوف، ولم يعد يُحسب لها حساب. وهذا التصور في الحقيقة هو تصور مضلِّل، وتصور وهمي وغير حقيقي، ويراد أن يُعمَّم بالدعاية وبالإشاعة وبالتسلط على عقول الناس، من أجل أن يزرعوا فيهم الوهم ليقبلوا الاستسلام الذي يدعوهم إليه هؤلاء البعض.
ولفت رعد في حديث الى اذاعة النور، الى ان المقاومة عندما قبلت بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار، إنما قبلته من موقع أن يدها هي العليا في ساحة الميدان، وأن الإسرائيلي الذي حضّر لمناورة توغل برية فشل في تحقيقها على مدى ستة وستين يومًا، هذا الفشل هو الذي دفعه ودفع أسياده الأمريكيين لينصحوه بوجوب القبول بوقف إطلاق النار، حتى لا يبدأ يسجل الخسائر بعد الإنجازات التكتيكية التي كان قد حققها في جبهة غزة. إذًا، المقاومة لم تُهزم أمام الإسرائيلي في الميدان، وخرجت منتصرة، وهي التي وافقت بملء إرادتها على وقف إطلاق النار، والإعلان الذي تم بين ممثلي الدولة اللبنانية عبر الرئيس نبيه بري ومع المبعوث الأميركي آنذاك هوكشتاين، وحصل اتفاق وقف إطلاق النار الذي يلزم إسرائيل بوقف الأعمال العدائية، والانسحاب من الأراضي اللبنانية، وإعادة الأسرى، والبدء بورشة الإعمار، ثم يأتي بعدها إخلاء منطقة جنوب النهر من الوجود المسلح لحزب الله.
واوضح بان الذي حصل فيما بعد، بعد عشرة أيام من هذا الاتفاق، هو التحول الذي حدث في سوريا، والذي قلب موازين المنطقة، ليس في لبنان فحسب، بل في كل المحيط. وهنا نهض القابعون في الزوايا من أجل أن يستثمروا على عدوانية العدو الصهيوني وعلى تَنَمُّره المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية، لفرض معادلات داخلية تنقلب على الوفاق الوطني، وتنقلب على موازين التوازن الداخلي، تحقيقًا لبعض المنافع والمكاسب الفئوية الخاصة. هنا المشكلة في الحقيقة.
وذكر رعد بانه قبل الجلسة الأخيرة للحكومة، أصل اتخاذ الحكومة قرارًا في الخامس من آب بحصر السلاح، واعتبار أن كل سلاح خارج سلاح الدولة هو سلاح غير شرعي، هذا مناقض للميثاق، ومناقض للوفاق، ومناقض لاتفاق الطائف، ومناقض للتوازن الوطني، ومناقض للواقع السيادي، وانقلاب على كل هذه الأمور. أكثر من ذلك، قرار الخامس من آب هو عيب أخلاقي، وتخفُّف من المسؤولية الوطنية، عيب أخلاقي، بمعنى أن أربعين سنة من الردع الذي فرضته المقاومة على العدو الإسرائيلي ليس سهلاً أن نقبل بالتنكر له هكذا بشَحطَّة قلم. متسائلا “كيف تتحقق السيادة الوطنية؟ بأن ننقل المشكلة من أن تكون بين المقاومة وجمهورها وبيئتها اللبنانية ضد العدو الصهيوني إلى أن تصبح مشكلة في الداخل بين اللبنانيين. نرمي كرة النار بيد الجيش الوطني الذي نلم له رواتب جنوده من هنا وهناك. كيف الآن رئيس الحكومة يقول: لا إعمار، لا انماء، لا مشاريع، لا إصلاحات من دون نزع السلاح. هذا يصرح به. إذًا، هذا أوسع من أن يقوله لنا بشكل مباشر. إذا كانت المسألة بهذا المقدار وأنت لا تستطيع أن تتحملها، إذًا قم بما يمليه عليك الواجب الوطني على الأقل. هل الواجب الوطني أن تدخل لبنان في نفق الفتنة الداخلية!؟ يوجد بعض عقل وحكمة موجود في هذا البلد. ما فهمناه نحن، إن قيادة الجيش تقول: حصر السلاح يحتاج إلى ثلاثة أمور: أولا، وقف الأعمال العدائية. ثانيًا، وفاق وطني. ثالثًا، توفير إمكانات للجيش وقدرات من أجل أن يقوم بمهمته، فقط أن نصدر قرارًا حكوميًا ونرمي الكرة بملعب الجيش حتى يحصل ما لا يحمد عقباه، خصوصًا مع تمسك المقاومة بسلاح المواجهة للعدو الإسرائيلي، الذي لا يزال يحتل نقاطًا ويتوسع في الاحتلال فيها. كانوا خمس نقاط الآن أصبحوا سبعة، ويريد أن يُنشئ منطقة عازلة، وعم يغرونا بمنطقة اقتصادية، والمطلوب هو وضع سيادة البلد في قبضة العدو الإسرائيلي، والتحكم بكل تفاصيلها.
وشدد على أن حزب الله لا يخوض مباراة إظهار قوة في الداخل. لكن على الآخرين الذين يستعرضون قوتهم، مراهنين على الدعم الغربي الأمريكي والإسرائيلي أيضًا، هذا الدعم لن ينفعهم في الضغط على حزب الله من أجل أن ينتزعوا منه ما لا حق لهم به، وما هو تخلٍّ عن حقه الوطني المشروع في الدفاع عن أرضه ووطنه وسيادته وكرامة شعبه. والنقاش حول السلاح، نحن مفتوحون على النقاش حول السلاح، لكن دعونا نحقق السيادة ونناقش. تعالوا نوحد موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي، ونقول له: يجب أن تنضبط بالاتفاق الذي تم بضمانة الأمريكيين والفرنسيين، ثم تنصلوا من هذه الضمانة. علينا أن نرغم هؤلاء على الالتزام بضماناتهم من أجل ضغط على الإسرائيليين لوقف العدوان والانسحاب من لبنان. موضوع السلاح، نحن حاضرون أن نناقش في أهميته وفي دوره وفي ثقله وفي مدى حاجة لبنان له، ضمن استراتيجية حقيقية سيادية وطنية تحفظ لبنان، وتستطيع من خلالها هذه الاستراتيجية، تستطيع الحكومة وأي حكومة لبنانية تُشكل أن تدافع عن لبنان إذا ما تعرض لأذى.
واوضح ان الثوابت أن هذا السلاح حق مشروع طالما هناك احتلال. وطالما هناك عدم التزام إسرائيلي بوقف إطلاق النار، وطالما هناك أسرى لدى الإسرائيلي، كيف يمكن أن نبحث بموضوع هذا السلاح في الداخل. عندما يجلو الإسرائيلي عن أرضنا، وعندما يوقف الاعتداءات عن أرضنا، نتفاهم نحن اللبنانيون فيما بيننا.
ولفت الى اننا نحرص على أن تكون العلاقة طبيعية برئيس الجمهورية جوزيف عون، لا تنقطع لأن الرئيس على الأقل يسمع ماذا نطرح، ويبدي رأيه أو مخاوفه أو العروض التي تأتي إليه، ونطمح أن تكون العلاقة تسودها الصراحة والموضوعية، لنصل في النهاية إلى خاتمة للبنان ولوضعه السيادي الذي يطمئن إليه اللبنانيون. يعني، بخلاف بعض المسؤولين، نرى التريث والهدوء وعدم التسرع، يعني هذه من محاسن السلطة، لكن عند البعض يوجد استخفاف ومكابرة.
بالمقابل، اعتبر بان الحكومة ارتكبت خطيئة مشينة بحق البلد وبحق المقاومة، وأعتقد أنه لا مجال لتصويب الأمور إلا بالعودة والتراجع عن تلك الخطيئة، تراجع كامل عن هذه الخطيئة. وأعتقد أن الرئيس بري مارس أقصى درجات المرونة من أجل أن يجتذب الحكومة والقائمين عليها إلى هذا الحد من التراجع الشكلي التكتيكي الذي حصل في الخامس من أيلول. هو تراجع شكلي تكتيكي المفترض أنه سيوفر مشكلة كبيرة لكن العهدة على ما سنشهده من إجراءات، ومن تدابير. نحن “مش مطمئنين” من أن يخطئ أحدهم ويدعس دعسة ناقصة. لا نستخِف أيضًا بغضب عوائل الشهداء وعوائل الجرحى وبيئة الشهداء وأهل المقاومة، هؤلاء بشر. قد لا يستطيع أحد أن يضبط غضبهم إذا ما استفزهم.
وشدد على ان إيران بلد صديق للبنان، ولم تقصر في دعم لبنان، ولم نطلب منها شيئًا طوال الفترة الماضية. كل ما فعلته كان بمبادرات منها وبتحسس منها، وهم يدركون أننا نحن أهل القرار في هذا البلد. ليس لهم وصاية على قرارنا، لكن نحن نتماثل معهم في تشخيص المصالح وفي تحديد الرؤية الاستراتيجية. عدونا الاستراتيجي واحد. غايتنا هو تحرير بلدنا من هذا العدو، وهم حاضرون لكل دعم من أجل تحرير بلدنا.
وفي ملف اعادة الاعمار، قال “عمليًا، ما سيحصل الآن، لحين بلورة الأفق، هو أنه كما حصلت خطوة تكتيكية تراجعيّة في موضوع حصرية السلاح وتنفيذ الخطة التي أعدها الجيش، وقيل إن مجلس الوزراء أخذ علماً بها، ستحصل خطوة تكتيكية أيضًا بالنسبة لإعادة الإعمار. لا يستطيعون أن يديروا ظهورهم لارتفاع صرخة الناس، ويجب أن يستجيبوا لمطالب الناس، خصوصًا الذين يريدون إعادة إعمار بلدهم، ويطلبون من الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في عملية إعادة الإعمار”.
وعن خطة إعادة الإعمار التي تبدأ من قبل الحزب بالضاحية، قال “صحيح، وستبدأ إن شاء الله. أصلاً نحن لم ننتظر أحد، ولا ننتظر أحد، لكن نحن ندعو الآخرين حتى يقوموا بواجباتهم، حتى لا يلفظهم الناس”. واكد بانه ليس هناك خطر على القرض الحسن. لا خطر على القرض الحسن، أبدًا، طالما يوجد قانون في البلد لا يوجد خطر على القرض الحسن. أما إذا في تمرد على القانون، ومحاولة خروج على القوانين، الذي يمد يده إلى القرض الحسن، هو الذي يمد يده إلى أعناق الناس، وعليهم أن يعرفوا حجم رد فعل الناس إذا ما تعرضوا لهذا الأمر. واردف “أنا أقوم بتوصيف واقع أراه أمامي. لست أحلل ولا أهدد، ولا أقول هكذا قرارنا. لكن هذا القرض الحسن هو أمانة الناس بين أيدي مجموعة مؤتمنين، وقد أثبتت التجربة أنهم مؤتمنون على أموال الناس، وحفظوا هذه الأموال، وعليهم وعلى الآخرين أن لا يعتدوا على هذه المؤسسة التي تحفظ أموال الناس. عليهم أن يستعيدوا أموال الناس التي سرقت من البنوك، قبل أن يفتعلوا أزمة للناس الفقراء الذين يتعاملون بصدق وأمانة، وتتعامل معهم مؤسسة القرض الحسن بكثير من الصدق والأمانة”.