بعد الإفراج عن جميع الأسرى الصهاينة الأحياء، القيادة العسكرية تركز جهودها على شبكة أنفاق عملاقة تُعدّ «منجم الذهب» للتنظيم — عمليات معقدة تقودها وحدات هندسية ووحدة «يهالوم»
أعلنت مصادر عسكرية أن قيادة جيش الاحتلال قررت تكثيف الجهود الميدانية لتدمير شبكة أنفاق استراتيجية ضخمة تابعة لحركة حماس، وصفتها تقارير عبرية بأنها «منجم الذهب» للتنظيم، بعد الانتهاء من عملية تحرير الأسرى الأحياء الذين كانوا محتجزين داخل أجزاء من هذه الشبكة.
وذكرت المصادر أن الأنفاق الرئيسية تمتد نحو أربعة كيلومترات من غرب قطاع غزة إلى شرقه، وتصل أعماق بعضها إلى نحو 30–40 متراً تحت سطح الأرض. وتضمّ وفق التقارير غرف قيادة وسكن لقيادات حماس، وقاعات إنتاج للصواريخ، وغرف اتصالات وممرات لنقل المقاتلين تحت الأرض.
وأفادت القوات الصهيونية بأن موقع هذه الشبكة كان معروفاً لدى الجيش وجهاز المخابرات (الشاباك) منذ شهور، لكن القيادة العسكرية امتنعت عن استهدافها سابقاً خشية المساس بسلامة الأسرى المحتجزين داخلها. ومع الإفراج عن جميع الأسرى الأحياء، تتيح الآن العمليات استهداف هذه البنى تحت الأرضية بصورة أوسع.
وتُجرى الأعمال الميدانية بالتوازي على عدة محاور وأنفاق مركزية، ما يجعل المهمة أكثر تعقيداً بسبب حجم الإنشاءات وعمقها وطبيعة بناء الأنفاق، الأمر الذي يستلزم قواعد قتال محكمة وإجراءات هندسية دقيقة في كل مقطع يتم التعامل معه.
وفي الأيام الأخيرة نفذت وحدات هندسية عمليات تدمير متتابعة لقطاعات من نفق رئيسي قرب المستشفى الأردني في مدينة غزة؛ حيث أحرق الجيش أجزاءً منه في مطلع الشهر ثم فجّر ودمر أجزاء مركزية خلال الأيام الماضية، في عمليات وصفها القائمون بأنها من أصعب المهام الهندسية والقتالية في القطاع.
ويُنفَّذ الجهد عبر ألوية منتشرة على محيط ما يعرف محلياً بـ«الخط الأصفر» بالتعاون مع وحدات الهندسة القتالية، بما في ذلك كتائب نظامية ووحدة «يهالوم» المتخصصة، وقد دمرت قوات الهندسة مسارات تحت أرضية يزيد طولها عن كيلومتر واحد في شمال القطاع.
من جهة أخرى، أنهت الفرقة 99 مهمتها القتالية في شمال غزة بعد أربعة أشهر من القتال ودخلت لراحة دورية، وحلّت بدلاً منها الفرقة 252. وكانت الفرقة 99 قد قادت انتشاراً يشمل عدة فرق وألوية، ودمرت مئات مستودعات الذخائر ومواقع المراقبة ومجمعات قتالية وبنى تحتية للمقاومة فوق وتحت الأرض، كما استهدفت قيادات ميدانية بارزة.
وفي عمليات مشتركة مع الشاباك وتحت قيادة ما يسمى «اللواء الشمالي»، نفّذت القوات ضربات استهدفت عناصر وقادة من حركة حماس جنوب بيت حانون، وصنّف الجيش من بين المستهدفين قيادات ومسؤولين اتهمهم بالمسؤولية عن هجمات ضد قواته.
ورغم هذه الإجراءات الميدانية الواسعة، لم يصدر حتى الآن إعلان سياسي رسمي عن نهاية الحرب التي أطلقت عليها تل أبيب اسم «السيوف الحديدية». لكن القيادة العسكرية اتخذت خطوات وصفها مسؤولون بأنها رمزية لتحول في الوضع العملياتي، من بينها عقد رئيس الأركان أيال زامير لمنتدى عملياتي ضم قادة وحدات من رتبة مقدم فما فوق، وعناوينه «تعديل النظر» ومراجعة مرحلية للعمليات والاستخبارات وخبرات قيادة الجنوب.
وأشار بيان الجيش إلى أن المنتدى سيعرض مراجعات وبيانات عملياتية واستخباراتية، ويتضمن حلقة حوار مع الأسرى العائدين والعائلات، مؤكداً أن الجيش لا ينتظر قراراً سياسياً لإجراء «تعديلات ميدانية» في توزيع القوات، وأنه مستعد لتكييف هيكليته وبناء القوة فور الحاجة، مع إبقاء حالة «الحرب» بحسب تقييم الحاجة في القطاعات ذات الصلة.




