بعد غروب شمس يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي نحن على موعد مع واحدة من أشهر وأجمل الظواهر الفلكية، التي ستزين سماء العالم العربي، مباشرة بعد الغروب، وهي ظاهرة القمر العملاق.
في هذه الظاهرة، يكون القمر في طور البدر أكبر قليلا وألمع من المعتاد، وبخاصة حينما يقترن بالمباني أو المناظر الطبيعية أثناء شروقه.
القمر يدور حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل، غير دائري تام، هذا المدار يقترب من الأرض في بعض الأحيان، ويبتعد عنها في أحيان أخرى.
يعني ذلك أن المسافة بين القمر والأرض تختلف خلال الشهر الواحد، وعندما يكون القمر في نقطة الحضيض (أي أقرب نقطة له إلى الأرض) ويحدث في الوقت نفسه أن يكون في طور البدر الكامل، نراه أكبر وأكثر إشراقا، وهذه هي لحظة القمر العملاق.
تكون المسافة بين الأرض والقمر في هذه الحالة نحو 360 ألف كيلومتر فقط أو ما حول ذلك، أي أقل بنحو 25 ألف كيلومتر من متوسط المسافة المعتادة.
وفي هذه الحالة، فإن القمر حسابيا سيصل إلى نقطة البدر في مساء الخامس من نوفمبر، تحديدا في تمام الساعة 13:19 مساء بالتوقيت العالمي، وهو يعادل تماما توقيت غرينتش من حيث الساعات (لكنه أكثر دقّة من الناحية العلمية لأنه يعتمد على الساعات الذرية بدلاً من دوران الأرض فقط).
أما لحظة الحضيض فستكون في تمام الساعة 22:29 في نفس الليلة، وعندها يكون القمر على مسافة 356833 كيلومترا من الأرض.
خلال ظاهرة القمر العملاق، يكون حجم القمر أكبر بنسبة تقارب 14% وأكثر سطوعا بنسبة 30% من القمر الصغير (البدر في حالة الأوج أي أبعد نقطة عن الشمس).
هذه الفروق تدرك في صورة ظهور القمر وكأنه أكبر وألمع من المعتاد، ويمكنك ملاحظتها بوضوح عند وجود القمر قريبا من الأفق، بمحاذاة المنازل أو المشاهد الطبيعية، حين يتعزز تأثير خداع القمر البصري الذي يجعله يبدو أضخم مما هو عليه فعلا.
لاحظ أن القمر لا يبدو في الواقع عملاقا كما يظهر في الصور المنتشرة على الإنترنت، إذ إن تلك الصور تلتقط بتقنيات محددة، حيث يكون المصوّر بعيدا مسافة كافية عن المنازل أو الجبال ثم يلتقط الصورة.
أما القمر فمهما كان عملاقا، فلا يزال بإمكانك أن تغطيه بإصبع يدك، لأن مساحته في السماء هي 0.5 درجة فقط، ويمكنك تجربة ذلك في أي ليلة.
ولا تحتاج ظاهرة القمر العملاق أيّ أدوات لرؤيتها، فقط اُخرج إلى الشارع أو سطح المنزل أو الشرفة وتأملها بعد غروب الشمس.
تحدث ظاهرة القمر العملاق 3 إلى 4 مرات سنويا في العادة. والسبب هو اختلاف طول الشهر القمري (29.5 يوما) عن الفترة المدارية الكاملة للقمر حول الأرض (27.5 يوما).
وقد سُجلت حالات نادرة تزامن فيها القمر العملاق مع الكسوف الكلي للقمر، فتحدث ما تعرف بظاهرة القمر العملاق الدامي، حيث يُلقي ظل الأرض على القمر لونا نحاسيا أحمر من تشتت الضوء في الغلاف الجوي.
آخر هذه الأحداث كان في مايو/أيار 2022، وستتكرر الظاهرة في أكتوبر/تشرين الأول 2032.
لطالما ربط الناس بين القمر العملاق والكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين، لكن الدراسات الجيولوجية والفلكية تؤكد أن هذه الارتباطات لا تستند إلى دليل علمي.
صحيح أن اقتراب القمر يزيد من قوة الجذب على المحيطات، مما يسبب ما يُعرف بالمدّ الحضيضي، بيد أن تأثيره لا يتجاوز بضعة سنتيمترات في ارتفاع الموج مقارنة بالمدّ العادي، ولا يسبب أي “إجهاد جيولوجي” كما يُشاع.




