لم يعد الاهتمام بالتغذية الصحية محصوراً بنوعية الطعام فقط، بل بات ترتيب تناوله داخل الوجبة الواحدة عاملاً مؤثراً في الصحة العامة. فقد أظهرت أبحاث حديثة أن تسلسل الأطعمة يمكن أن يؤثر مباشرة في مستويات سكر الدم، وبالتالي في الشعور بالجوع والشبع واستقرار الطاقة خلال اليوم. هذا العامل الخفي قد يفسّر تقلب النشاط وزيادة الوزن لدى البعض، حتى مع اعتماد وجبات تبدو متوازنة.
وتوضح الدراسات أن البدء بالكربوهيدرات وحدها يؤدي إلى ارتفاع سريع في سكر الدم نتيجة امتصاص الجلوكوز بسرعة، ما يستدعي إفراز كميات أكبر من الإنسولين. في المقابل، فإن البدء بالخضروات الغنية بالألياف، يليها البروتين والدهون، يساعد على إبطاء الهضم وامتصاص السكريات، ما يساهم في استقرار سكر الدم وتقليل الضغط الأيضي على الجسم. وقد لوحظت هذه النتائج بوضوح في أبحاث شملت مرضى السكري وأشخاصاً يعانون من زيادة الوزن.
ولا تقتصر فوائد هذا الأسلوب على فئة محددة، بل تمتد إلى كل من يسعى لتحسين صحته أو ضبط وزنه؛ إذ يعزّز الشعور بالشبع لفترة أطول ويقلّل الرغبة في تناول الطعام بسرعة. ويوصي خبراء التغذية بقاعدة بسيطة وسهلة التطبيق: البدء بالخضروات غير النشوية، ثم البروتين والدهون، وأخيراً الكربوهيدرات. ورغم أن الالتزام الدقيق قد لا يكون ممكناً في كل وجبة، فإن اعتماد هذا الترتيب بشكل عام يمكن أن يُحدث فرقاً إيجابياً ملموساً على الصحة على المدى الطويل.




