نيويورك (أ ف ب) – رفعت جامعة هارفرد، الإثنين، دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بعد قرار تجميد التمويل الفدرالي المخصص لها، في خطوة تصعيدية تعكس التوتر المتصاعد بين الإدارة الجمهورية والمؤسسات التعليمية الكبرى.
واتهمت هارفرد في الدعوى الحكومة الفدرالية بمحاولة “الضغط السياسي والسيطرة على القرار الأكاديمي المستقل”، معتبرة أن ما جرى يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور الأميركي، وتحديدًا للتعديل الأول، إلى جانب مخالفته للوائح والقوانين الفدرالية.
وكانت إدارة ترامب قد قررت تجميد تمويل بقيمة 2.2 مليار دولار للجامعة، على خلفية اتهامات لهارفرد وعدد من الجامعات الكبرى بـ”التساهل مع معاداة السامية”، إثر السماح بتنظيم احتجاجات طلابية مناهضة لإسرائيل على خلفية الحرب في غزة. كما هددت الإدارة بسحب الإعفاءات الضريبية عن الجامعة ومنعها من تسجيل الطلاب الأجانب.
رفض الخضوع
وأكدت هارفرد، إحدى أعرق جامعات “رابطة آيفي”، رفضها التام لما وصفته بـ”الابتزاز السياسي”، مشيرة إلى أن الغرض من تجميد التمويل هو إخضاعها لرقابة حكومية في مجالات القبول والتوظيف والتوجهات الفكرية.
وقال رئيس الجامعة، آلان غاربر، إن إدارة ترامب فتحت عدة تحقيقات ضد المؤسسة، واصفًا الإجراءات بأنها “غير دستورية”، ومؤكدًا أن هارفرد “لن تفاوض على استقلاليتها أو حقوقها الأكاديمية”.
وتعد هارفرد أول جامعة تواجه إدارة ترامب قضائيًا بعد أن رضخت جامعات كبرى أخرى، مثل جامعة كولومبيا، لمطالب أقل حدّة. في المقابل، واصلت هارفرد اتخاذ إجراءات تأديبية داخلية، فوضعت 23 طالبًا تحت المراقبة وحرمت 12 آخرين من التخرّج بعد تحقيقات بشأن مزاعم معاداة السامية.
تهديد بتقييد الطلاب الأجانب
من جهته، هدد مجلس الأمن القومي الأميركي بمنع الجامعة من استقبال طلاب أجانب في المستقبل، ما لم تقدّم معلومات تفصيلية عن حاملي التأشيرات المشاركين في ما وصفته الإدارة بـ”أنشطة غير قانونية أو عنيفة”.
وتُظهر بيانات الجامعة أن الطلاب الدوليين يشكلون أكثر من 27% من إجمالي عدد طلابها للعام الدراسي الحالي.
“هارفرد ترفض معاداة السامية”
في الدعوى القضائية، أكدت الجامعة أنها لا تتسامح مع أي شكل من أشكال التمييز، بما في ذلك معاداة السامية، وأنها تعمل بجد لإجراء إصلاحات هيكلية تهدف لمعالجة هذه القضايا داخل الحرم الجامعي. لكنها انتقدت في المقابل ما وصفته بـ”العقاب الجماعي”، معتبرة أن تجميد التمويل طال أبحاثًا طبية وعلمية وتكنولوجية لا تمت بصلة إلى التظاهرات الطلابية.
حملة أوسع ضد الجامعات الليبرالية
ويأتي هذا التصعيد ضمن حملة أوسع قادها ترامب ضد ما وصفه بـ”انحياز النخب الأكاديمية نحو اليسار”، معتبرًا أن الجامعات الأميركية باتت “منصات للكراهية والغباء”، بحسب منشور له على منصته “تروث سوشال”، والذي وصف فيه هارفرد بأنها “لم تعد مكانًا لائقًا للتعليم”، مطالبًا بوقف تمويلها بشكل دائم.
ويقول مراقبون إن هذه الحملة تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الأكاديمي الأميركي، عبر فرض رقابة حكومية صارمة على الجامعات التي تعارض السياسات المحافظة أو تدافع عن قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات.