أفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، أن الأشهر الثمانية عشر الماضية، بما في ذلك “الحصار الكامل” الحالي، أدت إلى تدمير حياة 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، وتسببت في دمار شبه كامل للبنية التحتية الأساسية التي يعتمد عليها المدنيون للبقاء على قيد الحياة.
برنامج الأغذية العالمي: “سلمنا آخر ما تبقى لدينا”
أوضح برنامج الأغذية العالمي أنه سلّم آخر ما تبقى من مخزوناته الغذائية إلى مطابخ الوجبات الساخنة في قطاع غزة، والتي من المتوقع أن تنفد بالكامل خلال الأيام المقبلة.
وكانت هذه المطابخ تشكل المصدر الغذائي الوحيد المنتظم لنصف سكان القطاع، رغم أنها لم تغطِ سوى 25% من الاحتياجات الغذائية اليومية. ومع ذلك، وفّرت شريان حياة حيوي وسط انهيار النظام الغذائي العام.
وحذّر البرنامج من أن غزة وصلت مجددًا إلى “نقطة الانهيار”، مع نفاد سبل التأقلم، وانهيار المكاسب الهشة التي تحققت خلال وقف إطلاق النار القصير. وأضاف: “ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لفتح المعابر أمام المساعدات والتجارة، فقد نُضطر إلى وقف مساعدتنا الحيوية”.
مكتب حقوق الإنسان: خطر متزايد من التجويع
أشار مكتب حقوق الإنسان إلى أن الإغلاق الكامل الذي تفرضه إسرائيل على غزة، بما في ذلك منع دخول الغذاء والوقود، دخل أسبوعه الثامن، مما فاقم الأزمة الإنسانية.
توقفت المخابز عن العمل بسبب نقص الدقيق ووقود الطهي، وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية. كما استمرت الهجمات الإسرائيلية البحرية، مدمّرة قطاع الصيد بالكامل. ونتيجة لذلك، تنخفض المخزونات المتبقية بسرعة، مما يعرض السكان، خاصة الفئات الضعيفة والأطفال، لخطر التجويع المتزايد.
استهداف البنية المدنية يعزز خطر تفشي الأمراض
اتهم المكتب الأممي جيش الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة استهداف البنية التحتية المدنية الحيوية لبقاء السكان على قيد الحياة. ففي الفترة ما بين 21 و22 نيسان/أبريل، شنّ الجيش هجمات منسقة على ثلاث محافظات في غزة، دمّر خلالها 36 آلة ثقيلة، بينها حفارات وشاحنات مياه وصهاريج شفط مياه الصرف الصحي.
وكانت هذه المعدات تُستخدم من قبل البلديات في جهود الإغاثة، بما في ذلك إزالة الأنقاض، وصيانة شبكات الصرف الصحي، وتوزيع المياه. وأكد المكتب أن تدمير هذه الأدوات سيعيق بشكل كبير عمليات الإنقاذ، وتحريك سيارات الإسعاف، وجمع النفايات، وتوفير مياه الشرب، ما يزيد من خطر تفشي الأمراض.
ووصف المكتب هذه الهجمات بأنها “متعمدة وغير قانونية”، وتشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي الإنساني.
النساء والأطفال في قلب المعاناة
من جانبه، ذكر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن ما يقرب من 50% من السكان المتضررين في قطاع غزة هم من النساء والفتيات.
كما أشار مكتب حقوق الإنسان إلى أن نحو 70% من القتلى في غزة، بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و31 آذار/مارس 2025، كانوا من النساء والأطفال.
الضفة الغربية: عنف المستوطنين وتهجير قسري
وفي الضفة الغربية، يستمر عنف المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال عمليات قتل وتهجير قسري للفلسطينيين من منازلهم أو ملاجئهم، لاسيما في جنين وطولكرم.
كما تُنفذ عمليات تدمير واسعة في المخيمات، وإنشاء حواجز وطرق جديدة داخلها، إلى جانب غارات يومية على القرى والبلدات الفلسطينية.
وحذّر مكتب حقوق الإنسان من أن استمرار هذه العمليات يقلّص فرص عودة سكان المخيمات المتضررة، وينذر بتهجير دائم للفلسطينيين من مراكز سكانية رئيسية، وهو ما يرقى إلى جريمة “النقل القسري” وفق القانون الدولي.