استيقظت مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، يوم الخميس، على خبر مفجع مرتبط بتغيير معالم المسجد الإبراهيمي الذي يُعتبر أقدس الأماكن الدينية، حيث أقدمت سلطات الاحتلال الصهيوني على سقف صحن المسجد بالصاج الحديدي والزينكو.
وتُعدّ الخطوة من أبرز خطوات تهويد المسجد الإبراهيمي، والتي تدلّ على سيطرة صهيونية كاملة عليه، دون سابق إنذار أو إخطار أو إبلاغ للجهات الفلسطينية.
وصدحت مكبرات الصوت بمساجد مدينة الخليل صباح اليوم، بنداءات موجهة من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، تحثّ المواطنين على التوجه وتكثيف وجودهم داخل المسجد الإبراهيمي والرباط فيه، للوقوف في وجه مخططات الاحتلال التهويدية.
وأصدرت محافظة الخليل بيان شجب واستنكار، جاء فيه: “تجرأت قوات الاحتلال الصهيوني على سقف الجزء المكشوف من صحن الحرم من القسم المغتصب فجر هذا اليوم، وإحداث تغيير على معالمه وانتهاك قدسية المكان، ما ينذر بتصعيد الأوضاع في المحافظة”.
ويقول رئيس قسم الأئمة في مديرية أوقاف الخليل فريد شحادة ، إن “آليات الاحتلال منذ منتصف ليلة الخميس بدأت بالعمل بشكل مفاجئ على سطح المسجد الإبراهيمي فوق منطقة اليعقوبية، ونصبت الزينكو الحديدي والأحجار، التي غيّرت المشهد في المسجد الإبراهيمي على مساحة لا تقل عن 65 بالمائة من شكله الخارجي”.
ويهدف الاحتلال من سقف صحن المسجد الإبراهيمي إلى إيصال رسالة للمسلمين بأنه يسيطر على المساحة الكاملة للمسجد، وأنه تحت الأيادي الصهيونية، ومن جانب آخر تشديد الخناق على المسلمين ودفعهم إلى هجرة المسجد، لا سيما أن المنطقة التي تم سقفها تُعتبر المتنفس الوحيد لدخول الهواء والشمس إلى داخل المسجد، وبالتالي التحكم بالهواء الداخل للمسجد ليصبح بيئة طاردة للمصلين المسلمين، والحجّة الصهيونية هي أن الشمس والمطر من هذه المساحة تعكّر الصلوات التلمودية المزعومة والطقوس الدينية اليهودية، وفق ما يوضح شحادة.
ويستغل الاحتلال بحسب شحادة، الظروف السياسية القائمة بفعل استمرار العدوان على غزة، حيث كان يسعى منذ نحو 30 عاماً للسيطرة على سطح المسجد الإبراهيمي وتغيير معالمه، لكنه لم يستطع سوى الآن، مستغلاً انشغال العالم في الحرب على قطاع غزة، ومستخدماً وسائل تقييد على الفلسطينيين، تتضمن التشديد بالوصول إلى المسجد، حيث يغلق كلّ الطرق المؤدية إليه، وأبرزها حاجز أبو الريش الواقع غربي المسجد، والذي يصل منه أكبر عدد من الزوّار، ويحصر الطريق عبر مدخل البلدة الرئيس، والمحاط بقيود صهيونية عبر ثلاثة حواجز أمنية يمرّ فيه الزوار بقيود وتفتيشات، وأحياناً حرمان من العبور.
ويحيط بالمسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة، نحو 70 حاجزاً ونقطة عسكرية، ثلاثة منها تؤدي مباشرة إلى المسجد، أغلق الاحتلال اثنتين منها، وهما حاجز أبو الريش وحاجز 160، ما يعني منع آلاف المصلين الذين يقطنون قرب المسجد من الوصول إليه.
ويتعرض المسجد الإبراهيمي خلال السنوات الخمس الماضية، إلى حملات تهويدية بحق معالمه، حيث تزايدت اقتحامات المستوطنين للمسجد بعد تعيين المستوطن إيتمار بن غفير وزيراً للأمن القومي الصهيوني، وتزامنت مع إتمام بناء مصعد كهربائي داخل باحاته ضمن أبرز معالم تغيير بحق المكان المقدس، بالإضافة إلى تغيير بعض النوافذ الأثرية، والإضاءات القديمة، وتنفيذ الحفريات أسفله، ورفع الأعلام الصهيونية على أسطحه، كما يقول شحادة.
وعن جهود مديرية الأوقاف في الخليل لمواجهة التصعيد الصهيوني بحق المسجد، أجاب شحادة: “تواصلنا مع وزير الأوقاف، ومع مجلس الوزراء، ومحافظة الخليل، ووضعنا كلّ الجهات والمؤسسات المسؤولة في صورة الحدث، لأن المسجد الإبراهيمي ليس بالمكان الذي يخص الخليل وحدها، بل إن الاعتداء عليه يمسّ كل فلسطيني ومسلم، ويجب أن تتوحد كلّ الجهود لمنع تفاقم الأمور للأسوأ، لا سيما وسط مخاوف شديدة من استغلال الاحتلال للمرحلة الحالية وتنفيذه مخططات مبيتة بحق المسجد، لأننا لا نتوقع إلا ما هو سيئ بحق المسجد من قبل الاحتلال”.
ويعاني المسجد الإبراهيمي سياسة التهويد الصهيونية، وتحديداً منذ عام 1994، بعد أن قسّمه الاحتلال عقب المذبحة التي نفذها المستوطن المتطرف باروخ غولدشتاين فجر 25 فبراير/ شباط 1994، وعلى إثرها سيطر اليهود على 63 بالمائة من مساحة المسجد وحوّلها إلى كنيس يهودي، في حين تبقى 37 بالمائة للمسلمين الذين لا يسمح الاحتلال لهم بالدخول دائماً إلى المسجد، ويمنعهم من رفع الأذان أكثر من 630 مرّة كل عام.