يعدُ العيدُ عادة في جميع البلاد موطناً وملاذاَ للفرح والتنفيس عن النفس وشراء الحاجيات والملابس الجديدة، وموسم ينتعش به التجار. هذا هو الطبيعي عادة.
أما في طولكرم، فالوضع مختلف، فعيد الأضحى يعود على أهل طولكرم المحاصرة لأكثر من عام ونصف، مع تهجير قسري لأهالي مخيمي طولكرم ونورشمس من قبل الاحتلال الصهيوني، واتخاذها –أي: المخيمان- منطقة عسكرية مغلقة للجيش.
يعود بمرارة يشهد لها الداني والقاصي في المدينة، فشوارع مدينة طولكرم تشهد حركة اعتيادية، وكأن العيد لا يطرق بابها. أما أرصفتها فليست مكتظة بالبشر كما السابق، ناهيك عن حالة العبوس والتعب والارهاق التي تخيم على الوجوه التي انهكها الحصار والنزوح.
سرت اليوم في شوارع المدينة، فوجدت شجارين في منطقتين مختلفتين في المدينة، ورأيت المارة يتدخلون لفض النزاع بينهم، هذا في نصف ساعة فقط ! وكلما طال مكوثي في المدينة وسرت بها أكثر وجدت شجارات أخرى: مارة مع مارة، بائع مع مشتري، سائق عمومي مع سائق أخر، حتى الأطفال يتشاجرون مع بعضهم على قارعة الطريق. مع اختفاء للشرطة بأزيائهم وسياراتهم نظرا لوجود الجيش الصهيوني الذي يطوف بالمدينة.
ناهيك عن أصوات الباعة وهم ينادون عن بضاعتهم، يصرخون بأعلى صوت، فلا مجيب لهم، حتى أن أحد الباعة قال لي: “بشعر أن اليوم هو يوم جمعة، من قلة شراء الناس للبضاعة”.
أهذا هو العيد ! أتعجب من كلامه، فما أعرفه أن ما يكسبه التجار في موسم العيد بأيامه يغنيهم عن ثلاثة أو ستة أشهر من الربح؛ لما فيه من الخير وإقبال الناس على الشراء سواء من مدينة طولكرم ومن أهلنا في الداخل المحتل.
لكن لا عجب أن يؤول هذا العيد إلى كارثة اقتصادية؛ بسبب حصار المدينة وصعوبة قدوم أهالنا في الداخل. أيضاً فالموظفون الحكوميون لم يقبضوا رواتبهم مع وعود لهم بقبض النصف من المرتب الذي يقتطعه الاحتلال منهم، أضف حركة النزوح ودمار كثير من المنشآت الاقتصادية في المخيمات وحولها، صحيح أن النازحون حصلوا في هذا اليوم على مكرمة رئاسية مقدارها 600 شيكل بما يقارب 171 دولار أمريكي، خطوة إيجابية؛ لكنها ليست كفيلة أن تعالج واقع المخيمات المر، فضلاً عن الوضع الاقتصادي المتردي في المدينة.
واقع صعب، يزداد صعوبة يوما بعد يوم على المدن الشمالية للضفة الغربية، مع سؤال يلوح عند كل مفكر، على ماذا سيعود العيد القادم ؟ وكيف؟
أحمد يوسف ضميري