أوصى مؤتمر “جودة التشريعات كمدخل للإصلاح والتنمية بين المعايير الدولية والواقع” الذي عقده ديوان الجريدة الرسمية، بمدينة رام الله، اليوم الأربعاء، بضرورة تكافل الجهود للعمل على الرقابة على جودة التشريعات، وإيجاد جهة محايدة تتولى التنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة للرقابة عليها.
كما أكد المؤتمر الذي عقد برعاية رئيس الوزراء محمد مصطفى، أن التشريعات الجيدة والفعالة سبيل لترسيخ مؤسسات أكثر قوة، وتحمي الحقوق، وتعزز ثقة المواطن، وتلبي احتياجات المجتمع وتحقق المواءمة مع المعايير الدولية، مشددا على أهمية دعم دائرة جودة التشريعات للقيام بمهامها.
كما أوصى بوجود ضوابط مكتوبة وملزمة للهيئات المشتغلة في مجال التشريع، تضمن جودته وتكون ملزمة وكذلك للجهات المختصة عند اقتراحها للتشريع، وضمان استقلالية وجودة العاملين في مجال جودة التشريع، وتوسيع دور ديوان الجريدة الرسمية من خلال دائرة جودة التشريعات بالمراجعة والتحليل والتدقيق على التشريعات.
ويهدف المؤتمر إلى توضيح معايير ومبادئ الجودة التشريعية وتحقيقها، من خلال إعداد وصياغة مشاريع التشريعات ودراستها قبل النشر في الجريدة الرسمية، من خلال التحقق من خضوعها لأحكام القانون الاساسي وتحقيقها للانسجام التشريعي الفلسطيني، والاطلاع على أفضل التجارب المثلى وتطبيقها على الحالة الفلسطينية المتعلقة بإجراءات الرقابة على جودة التشريع، ويبتعها الرقابة اللاحقة بعد نشر التشريع ونفاذه، من خلال التقييم والمتابعة.
وتضمنت أعمال المؤتمر جلستين، حيث يسر الجلسة الأولى وكيل الشؤون القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء رامي الحسيني، بعنوان “المعايير الحاكمة لجودة التشريع لمنظومة قانونية فعالة ومستدامة”.
واستعرضت الجلسة 4 أوراق علمية قانونية، الأولى بعنوان ضوابط الصياغة وأثرها على جودة وسلامة التشريع من قبل المستشار القانوني المساعد حسن ابو شربك من ديوان الجريدة الرسمية، ودور الهيئات المتخصصة في تحقيق جودة التشريعات – سلطنة عمان نموذجا، من قبل المستشار جمال النبهاني ممثلا عن سلطنة عمان، ودور ديوان التشريع والرأي الأردني في الرقابة على جودة التشريعات من قبل منال زعل الصعوب ممثلا عن المملكة الأردنية الهاشمية، ومقومات ومعايير الجودة التشريعية في فلسطين من قبل محمد صعابنة ممثلا عن جامعة فلسطين الأهلية.
بينما يسر الجلسة الثانية المستشار القانوني لمؤسسة الحق أشرف أبو حية، تحت عنوان جودة التشريعات وأثرها على النزاهة والشفافية.
وتضمنت الأوراق العلمية القانونية التالية: التجارب الدولية بتفعيل منهجية الرقابة على جودة التشريعات تم تقديمها من قبل المستشار فيكتور كيمينتي من بعثة الاتحاد الأوروبي لدعم الشرطة الفلسطينية وسيادة القانون، والتشريع الفعال أداة استراتيجية لبناء بيئة شفافة ونزيهة من قبل المستشار أسامة السعدي من هيئة مكافحة الفساد، ومنصة التشريع ودورها في تعزيز المشاركة المجتمعية من قبل المستشار قسم حمدان من وزارة العدل.
وفي كلمته ممثلا عن رئيس الوزراء، شدد وزير العدل المستشار شرحبيل الزعيم، على اهتمام الحكومة بعملية صناعة التشريعات وتحسين جودة التشريعات، وإدراجها ضمن أولويات الحكومة، إيمانا منها بأن التشريع ليس مجرد نصوص تُدوَّن في القوانين والأنظمة، بل هو عملية متكاملة يجب أن تعكس احتياجات المواطنين، وتتسم بالشفافية والوضوح، والقدرة على التطبيق.
وأضاف أن الحكومة عملت مؤخراً على إقرار آلية العمل التشريعي التي من شأنها أن تنظم إجراءات إعداد التشريعات المقترحة من الحكومة، بشكل يضبط آلية عملها، ويضمن إخراجها بأفضل صورة.
كما أكد الزعيم أن ضمان جودة التشريع ليست مسألة فنية بحتة، بل هي قضية وطنية استراتيجية، لأن التشريعات القوية تمثل الأساس الذي تُبنى عليه دولة القانون والمؤسسات القادرة على الاستجابة لتحديات التنمية، وتحقيق العدالة، وضمان سيادة القانون.
من ناحيتها، أكدت المستشارة ريم أبو الرب أن الجودة هدف منشود لكافة المجالات، كونها مؤشر من مؤشرات أداء المؤسسات في الدولة، وتعبر عن النزاهة والشفافية فيها، ولأن التشريع بات يعبر عن منظومة متكاملة تعكس رؤية استراتيجية للدولة، ويستجيب لحاجات المجتمع، منسجما مع المعايير الدولية، ومرتبطا بقرارات وسياسات هذه المؤسسات فيها، ما يجعلنا نفكر حول الآليات والوسائل لضمان جودة التشريعات سواء قبل صدورها أو بعد، وذلك لضمان التنفيذ الفعال لكافة القرارات والخطط وسياسات المؤسسات.
وأشارت إلى أن جودة التشريعات من أهم محاور عملنا، فالمنظومة القانونية في دولة فلسطين لها خصوصية في ظل الإرث التشريعي والتحولات التي مرت عليها عبر الحقب التاريخية، الى جانب التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في كافة الجوانب الحياتية.
وفي كلمتها، أكدت رئيسة بعثة الشطة الأوروبية كارين ليمدال، أهمية تطوير تشريعات قائمة على أسس شفافة، وشاملة، ومدعومة بالأدلة، لما لذلك من دور محوري في تعزيز الحوكمة الرشيدة، وحماية الحقوق، وبناء الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية.
وشددت على التزامها بدعم جهود تطوير الإطار التشريعي الفلسطيني، عبر تقديم الخبرة الفنية وبناء القدرات، مشيرة إلى أهمية الاستفادة من نماذج دولية ناجحة داعية المشاركين إلى الانخراط الفاعل في النقاشات، بهدف تعزيز نظام تشريعي يخدم الشعب الفلسطيني بوضوح ونزاهة.