كشف انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي عن تحول جذري في طريقة تفاعل الأفراد مع التكنولوجيا، إذ لم يعد مقتصراً على بيئة العمل، بل أصبح حاضراً في تفاصيل الحياة اليومية، فاتحاً آفاقاً جديدة للابتكار، ومثيراً في الوقت نفسه تساؤلات حول تأثيره على التفكير والسلوك البشري.
أظهرت دراسة أجراها فريق من OpenAI، بالاشتراك مع باحثين من جامعة هارفارد، أن استخدام ChatGPT يتجاوز المهام المهنية، حيث قفزت الرسائل غير المرتبطة بالعمل إلى 73% في حزيران 2025 مقارنة بـ53% قبل عام. وقد اعتمدت الدراسة على تحليل واسع النطاق لخصوصية 1.5 مليون محادثة، للكشف عن أن الاستخدام الأكثر شيوعاً يتركز في الإرشاد العملي، البحث عن المعلومات، والكتابة.
وقال كبير الاقتصاديين في OpenAI، آرون تشاتيرجي، إن “ChatGPT أصبح جزءاً من جوانب متعددة من حياة الناس، ويوفر لمحة عن قيمة الذكاء الاصطناعي وكيفية تغيّر أنماط استخدامه”.
وأظهرت النتائج أن نصف الرسائل تصنف ضمن فئة الاستفسار، ما يعكس اعتماد المستخدمين عليه كمستشار أكثر من كونه منفذاً للمهام، بينما يشكل الاستخدام المهني نحو 56% من الرسائل المتعلقة بالعمل، مع التركيز على التحرير والتدقيق والترجمة أكثر من الكتابة من الصفر.
وبلغت نسبة مستخدمي ChatGPT حتى تموز 2025 نحو 10% من سكان العالم البالغين، مع تقليص الفجوة بين الذكور والإناث، وسجلت أسرع معدلات التبني في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
وتؤكد الدراسة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً، بل امتداداً رقمياً للإنسان، يرافقه في قراراته اليومية ويعيد تشكيل أنماط التفكير والتواصل، ما يستدعي وعيًا مجتمعيًا وتنظيميًا لاستخدامه بشكل رشيد.
وبيّنت البيانات الصادرة عن onelittleweb أن أدوات الذكاء الاصطناعي سجلت نحو 100 مليار زيارة بين آب 2024 وتموز 2025، تصدرها ChatGPT بنحو 46 مليار زيارة، تليه تطبيقات أخرى مثل DeepSeek وGemini وPerplexity وClaude.
ويشير الخبراء إلى أن هذا الاعتماد المتزايد يعكس فرصاً هائلة للنمو والابتكار، لكنه يطرح تحديات حقيقية تتعلق بخطر الاعتماد المفرط على هذه الأدوات، وتأثيرها على التفكير النقدي والحوار الإنساني، مما يستدعي مقاربة متوازنة تجمع بين الاستثمار في التكنولوجيا ووضع أطر تنظيمية وأخلاقية لضمان استخدامها بشكل آمن ومستدام.
