رغم أعمال الترميم الفاخرة التي خضعت لها، لا تزال فيلا جيفري إبستين في حي “أبر إيست سايد” بنيويورك تُلقي بظلال الرعب على سكان المدينة، بعد أن أعادت شهادة صادمة لإحدى ضحاياه فتح جراح الماضي، كاشفة عن تفاصيل تعذيب جنسي ممنهج جرى داخلها.
وذكرت صحيفة “نيويورك بوست” أنّ القصر الذي كان مسرحًا لاعتداءات إبستين خضع مؤخرًا لعمليات تجديد ضخمة بتكلفة ملايين الدولارات، في محاولةٍ لـ”محو آثار الفظائع” التي ارتُكبت بين جدرانه. لكن صدور كتاب جديد هذا الأسبوع بعنوان “Nobody’s Girl”، من تأليف فيرجينيا جوفري – إحدى ضحاياه اللواتي أنهين حياتهن في نيسان الماضي – أعاد عنوان القصر سيئ السمعة إلى دائرة الضوء من جديد.
في مذكراتها، وصفت جوفري تفاصيل “عذاباتها الجنسية السادية” في غرفة تدليك أطلقت عليها اسم “الزنزانة”، حيث كانت تُقيّد، وتُلبس طوقًا حديديًا، وتُضرب حتى تفقد الوعي. وأشارت إلى أنّ إبستين حوّل الطابق السفلي إلى فضاء للعنف الممنهج، مزوّد بكاميرات مراقبة مخفية وأجهزة اتصال داخلية كان يستخدمها لاستدعاء الفتيات.
المنزل، الذي يبعد مبنى واحدًا فقط عن سنترال بارك، يبدو من الخارج كما كان، باستثناء إزالة الأحرف الأولى من اسم إبستين (JE) عن واجهته. ووفق سجلات المدينة، فإن المالك الجديد، مايكل دافي، أنفق نحو 925 ألف دولار لإعادة تصميم الفيلا المكوّنة من خمس طبقات، بعد شرائها عام 2021 بمبلغ 51 مليون دولار – أي أقل بكثير من سعرها الأصلي البالغ 88 مليون دولار.
تضمنت أعمال الترميم إزالة الجدران الداخلية التي كانت تفصل “متاهة الغرف” التي استخدمها إبستين لاستضافة شخصيات سياسية وإعلامية واقتصادية بارزة على مدى أكثر من عقدين، واستبدال الجدران المذهّبة والزخارف الفخمة بتصاميم حديثة أكثر بساطة.
لكن أكثر ما أثار الرعب، بحسب وصف جوفري، هو الدرج الخلفي السري الذي كان مزخرفًا بعيون زجاجية تحدّق في الداخلين إليه، كأنها تقول: “نحن نراقبك دائمًا”.
في أحد فصول الكتاب، تروي جوفري أن إبستين كان يسمي جلسات الاغتصاب بـ”الجلسات”، تبدأ عادة بما يشبه التدليك وتنتهي بـ”عقوبات” جسدية باستخدام سلاسل وأدوات تعذيب. وتضيف: “كان يربطني بطوق جلدي أسود مرصّع بالمعادن يمتد على طول العمود الفقري، متصل بسلاسل تربط يديّ وقدميّ. كان الألم لا يُحتمل… كنت أتمنى أن أفقد الوعي، لكني كنت أستيقظ فقط لأتعذّب من جديد”.
تؤكد هذه الشهادات، وفق تقارير محلية، أنّ الرعب الذي خلّفه إبستين لا يزال حاضرًا في ذاكرة المدينة، حتى بعد موته داخل زنزانته في سجن مانهاتن عام 2019 أثناء انتظار محاكمته بتهم الاغتصاب والاتجار بالقاصرات.
ويقول أحد سكان الحي، الشاب هنري فرنسوا (26 عامًا)، لصحيفة “نيويورك بوست”: “ذلك المنزل مظلم وغريب. لا أصدق أن أحدًا قد يسكنه. تشعر فيه بطاقة شريرة”. بينما شبّهت ليز، وهي زائرة من كاليفورنيا، فكرة العيش هناك بـ”السكن في متحف للهولوكوست”، مضيفة: “لا يمكن أن تجد راحة في مكان كهذا… إنه مليء بالأشباح”.
ورغم محاولة ترميم المكان وإعادة بيعه كعقار فاخر، يبدو أن “لعنة إبستين” لا تزال حاضرة بقوة، تُذكّر نيويورك بأن المال والسلطة لا يمحيان آثار الجرائم.