أفاد مصدر دبلوماسي في بيروت لصحيفة “الأنباء” الكويتية، بأنّ “زيارتي نائبة الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس ورئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد إلى لبنان، شكلتا حدثين مترابطين في الشكل ومتكاملين في المضمون، عكستا حجم الاهتمام الدولي والإقليمي بالوضع اللبناني، في توقيت سياسي وأمني دقيق وخطير. فبين الحركة الأميركية ذات الطابع الأمني- التفاوضي الواضح، والتحرك المصري المستند إلى نهج وسطي داعم للاستقرار، بدا أن لبنان يتحول مجددا إلى ساحة توازن دقيق بين مقاربتين مختلفتين لمستقبل الجنوب وحدود الأمان فيه”.
وأوضح أن “أورتاغوس حرصت خلال لقاءاتها مع الرؤساء الثلاثة، على التركيز على ملف “الميكانيزم” (لجنة الاشراف على وقف الأعمال القتالية)، بما يعكس إصرار واشنطن على إبقاء هذا الإطار كآلية عملية للتفاوض، مع توسيعها لتشمل مدنيين وعدم اقتصارها على العسكريين، لتسهيل تبادل الرسائل بين لبنان وإسرائيل”.
وأشار المصدر إلى أن “الموفدة الأميركية حملت في مضمون حركتها رسالة واضحة، بأن بلادها تفضل تثبيت وقف إطلاق النار من خلال إطار زمني لعملية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، في مقابل إصرار لبناني صريح على وقف الخروقات الإسرائيلية وتطبيق القرار 1701، تمهيدا لعودة الاستقرار إلى الجنوب وتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية”، مبيّنًا أنّ “هذه المقاربة الأميركية، على رغم ما تحمله من نبرة تهدئة، لا تنفصل عن مساع أوسع لإعادة ضبط قواعد الاشتباك، بما يخدم أولويات واشنطن في منع توسع المواجهة الإقليمية”.
في المقابل، لفت إلى أن “زيارة اللواء حسن رشاد حملت روحا مختلفة، أعادت إلى الواجهة الدور المصري التاريخي في دعم لبنان وتثبيت استقراره من موقع الشقيق العربي، لا الوسيط المشروط”، كاشفًا أنّ “المسؤول المصري نقل إلى القيادات اللبنانية، استعداد بلاده للمساهمة في جهود التهدئة في الجنوب، مستندا إلى التجربة التي راكمتها القاهرة في إدارة الأزمات في غزة، ما منحها ثقلا تفاوضيا مميزا مع مختلف الجهات”.
وشدّد على أنّ “مضمون الزيارة عكَس رغبة مصرية في أن يكون التنسيق مع الجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن العام، جزءا من مقاربة أمنية عربية مشتركة، توازي التحركات الغربية، وتعمل على حماية لبنان من أن يتحول رهينة للتجاذب الأميركي- الإيراني عبر الميدان الجنوبي”.
كما ركّز المصدر على أنّ “اللقاءات التي أجرتها الموفدة الأميركية والمسؤول المصري، أظهرت أن بيروت تعيش لحظة اختبار مزدوج. فمن جهة، تسعى الإدارة الأميركية إلى ضمان التزام لبنان بالتهدئة عبر أدوات المراقبة الدولية والإسراع في حصر السلاح بيد الدولة، والبحث في آلية تفاوضية مباشرة منطلقها الميكانيزم. ومن جهة أخرى، تتحرك القاهرة لتأمين مظلة عربية تحمي مسار التهدئة من الانزلاق إلى تصعيد، انما تدوير الزوايا لصالح لبنان”.
وذكر أنّ “في ظل هذا التداخل، بدا موقف الدولة اللبنانية موحدا في التأكيد على حقها بوقف الاعتداءات الإسرائيلية وعودة الأهالي إلى قراهم، مع التمسك بتفعيل آليات تنفيذ القرار 1701 لا إعادة التفاوض عليه”، معتبرًا أنّ “الزيارتين دلتا بوضوح على أن مستقبل الجنوب لن يُرسم في جولة تفاوض واحدة، ولا بضغط من جهة واحدة، بل ضمن معادلة توازن دقيقة بين الوساطات المتقابلة، بحيث تبقى بيروت ساحة اختبار لنوايا الخارج، وقدرة الداخل على تحويل الحراك الديبلوماسي إلى فرصة لتثبيت السيادة، لا لتدوير الأزمات أو تجميدها مؤقتا”.
في سياق متصل، كشفت معلومات لـ”الأنباء” من أحد الضبّاط الأجانب الذي حضر اجتماع لجنة مراقبة وقف الاعمال القتالية (الميكانيزم) في الناقورة، أنّه “لم يحصل أي تطور جديد لجهة إبداء الجانب الإسرائيلي بوادر قبول بانسحاب جزئي وإطلاق أسرى لبنانيين… وبدا واضحا الإصرار الإسرائيلي على تجريد “حزب الله” من السلاح بالكامل، ودون ذلك لا تقدم في الخطوات من قبله”.




