شدّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، خلال خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، على ضرورة بناء جيل أخلاقي وعلمي يمتلك القدرات الاجتماعية وأدوات الضغط القادرة على مواجهة السلطة الفاسدة. وأكد أن هذا المسار يبدأ من الفكر والصناعة وتنظيم الجمهور بما يتيح لجم الفساد وإسقاط رموزه، باعتبار أن المؤمن مكلّف بالدفاع عن الإنسان والوطن والعدالة السياسية والقضايا الحقوقية. واستشهد بقول الله تعالى “خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ”، وبما ورد في قصة النبي موسى، مشيراً إلى أن المطلوب اليوم هو الأخذ بأحسن السبل والعمل بفعالية جماعية.
وأضاف أن واقع البلد يفرض الابتعاد عن العصبيات الطائفية والمذهبية ومشاريع الانتقام، مشدداً على أن أساس النهوض يكمن في التضامن والعمل كجسم واحد، لأن أي خلل في هذا الجسم يعني التمزق والخسارة، خصوصاً في ظل أزمة حسّاسة تضرب لبنان والمنطقة وتُدار بعقلية الفتنة والخراب.
وتوقف قبلان عند بعض المواقف الصادرة عن مواقع حكومية، واصفاً إياها بالحقودة وغير المفيدة، معتبراً أن إنكار التضحيات الوطنية عيب بحق التاريخ المعاصر. وأوضح أن بعض من يتصدر المشهد الرسمي لم يكن ليصل إلى موقعه لولا صمود المقاومة أمام جيش الاحتلال على تخوم بلدة الخيام، لافتاً إلى أن الكيان، بعد إخلاء جنوب النهر، هدم كل القرى الأمامية.
وأكد أن المعركة الحالية هي معركة خيارات وطنية، ولا يمكن القبول بأي تنازل سياسي أو سيادي، لأن قوة لبنان تكمن في وحدته وقدراته الداخلية. ورأى أن التمزيق السياسي والسموم الإعلامية تضع البلاد أمام مخاطر تهدد مصالحه العليا، مشدداً على ضرورة تكوين قوة وطنية جامعة عابرة للطوائف.
واعتبر المفتي قبلان أن ما يجري منذ اندلاع الحرب الأخيرة وضع الدولة ومؤسساتها والقوى السياسية في قلب سؤال سيادي ووطني خطير، فيما يستفيد الاحتلال من الانقسام الداخلي والأصوات اللبنانية التي تناصره. وأشار إلى أن الحكومة تبدو غير معنية بالملفات الوطنية والسيادية وبضرورة اتخاذ قرارات جدّية تخدم مصالح البلاد، مؤكداً أن الجيش والمقاومة ضمانة وطنية للأمن والسيادة.
وطالب بوضع برامج وطنية تعتمد سياسات خدمية وإغاثية وورش عمل سياسية تصبّ في مصلحة اللبنانيين، لأن الحكومة الحالية ليست في هذا الاتجاه. كما نبّه من الصفقات الجانبية التي قد تفجّر البلد وتزيد من انكشافه أمام الهجمات الصهيونية .
وختم بدعوة إلى إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية لضمان تشكيل فريق حكومي قادر على حمل المشاريع الإنقاذية، مذكّراً بأن الرهان على الضامن الدولي غير مجدٍ، وأن واشنطن ليست حيادية. وشدد على ضرورة التضامن مع الجنوب والبقاع ورفض كل أشكال الإخضاع، في وقت يدفع فيه المواطن ثمن الفشل الحكومي وسط نقمة شعبية وشلل إداري وأزمات وطنية متفاقمة




