استعرضت غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية، اليوم الاثنين، خطة الإغاثة والتعافي المبكر التي قدمتها وزارة السياحة والآثار لقطاع غزة، وذلك خلال اجتماع خاص بحضور ممثلي المؤسسات الدولية والمنظمات الشريكة والجهات المانحة، لبحث أولويات التدخل في أحد أكثر القطاعات تضررًا جراء العدوان.
وأكدت الغرفة أن حماية التراث الثقافي وتعزيز السردية الفلسطينية يشكلان ركيزة أساسية في مواجهة محاولات الاحتلال طمس الهوية الفلسطينية. وشددت رئيسة الغرفة الوزيرة سماح حمد على أن الخطة تأتي ضمن سلسلة من الخطط القطاعية المتواصلة، ويتم تحديثها بالتعاون مع الشركاء والخبراء محليًا ودوليًا، معتبرة أن حماية الإرث التاريخي ليست عملاً تقنيًا فحسب، بل واجبًا وطنيًا لحماية الذاكرة والهوية الفلسطينية.
وخلال الجلسة، كشف وزير السياحة والآثار هاني الحايك أن 226 موقعًا تراثيًا من أصل 316 تضررت بنسبة 71.5%، مشيرًا إلى أن الاحتلال تعمّد استهداف المواقع التراثية “في محاولة لطمس الهوية الفلسطينية ومحو الذاكرة الجماعية”. وأوضح أن قطاع السياحة تكبّد خسائر مالية تُقدّر بـ 3.9 مليار دولار، إلى جانب تدمير 4,992 منشأة سياحية وفقدان 15,265 وظيفة.
كما استعرض فريق الوزارة الجهود المبذولة لحماية 33 موقعًا عالي الخطورة مهددًا بالانهيار، خصوصًا مع اقتراب الشتاء، إضافة إلى استكمال التوثيق الرقمي والجيومكاني لـ 138 موقعًا مدمرًا.
وأوضح الحايك أن الوزارة أطلقت خطة شاملة بعنوان “من الإنقاذ إلى الصمود” تمتد لستة أشهر، بميزانية 31.2 مليون يورو، تشمل التثبيت الإنشائي للمواقع المهددة، وإعداد خطة التعافي الانتقالية للمرحلة القادمة. وتعمل اللجنة الوطنية لحصر الأضرار بالتعاون الفني مع مركز حفظ التراث الثقافي (CCHP)، حيث بدأت إعداد قائمة تضم 20 موقعًا أثريًا ومتحفًا ستخضع للتقييم العاجل، من بينها تل العجول والمقبرة الرومانية.
وتناول العرض التقدم المُحرز في ترميم مواقع بارزة مثل الجامع العمري الكبير، والمسجد المغربي، وقلعة خان يونس، وسوق القيسارية، وقصر الباشا، رغم التحديات الكبرى الناجمة عن القيود على إدخال مواد البناء وتدهور البيئة المحيطة.
كما برز إنجاز مهم تمثل في إدراج دير القديس هيلاريون (تل أم عامر) على لائحة التراث العالمي المعرّض للخطر ومنحه “الحماية المعززة”، وهو ما يتيح فرصًا إضافية للتدخل والدعم الدولي، ضمن مشروع تطوير بقيمة 12 مليون يورو ممول من الوكالة الفرنسية للتنمية.
وأشارت وزارة السياحة إلى استمرار جهود توثيق وتأمين المقتنيات الأثرية، إضافة إلى إطلاق معرض دولي بعنوان “كنوز منقذة من غزة” بالتعاون مع معهد العالم العربي في باريس، يضم 130 قطعة أثرية تمثل أكثر من 5000 عام من تاريخ غزة، كرسالة عالمية لحماية الهوية والتراث الفلسطيني.




