More

    القضاء الأعلى يبحث مقترحاتٍ وحلولاً مبتكرة للتخفيف من واقع الاختناق القضائي

    خلال ورشة عمل متخصصة استمرت على مدار يومين متتالين، نظمها مجلس القضاء الأعلى في مدينة رام الله، بحث مجموعة من رؤساء المحاكم النظامية، والإدارات القضائية، مقترحات وحلول مبتكرة، من أجل التخفيف من واقع الاختناق القضائي.

    الورشة التي حملت عنوان: “الاختناق القضائي: واقع وتحديات وحلول”، جرت بحضور رئيس المحكمة العليا/ محكمة النقض، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي محمد عبد الغني العويوي، ورئيسة بعثة الشرطة الأوروبية في فلسطين كارين ليمديل، وهي شريك داعم لقطاع العدالة.

    وخلال الورشة أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي محمد عبد الغني العويوي، أن تشخيص واقع العبء القضائي في المحاكم النظامية ومحاكم التسوية، خلال العامين 2023–2025 وتحديد التحديات الأساسية التي تواجه سير العمل في المحاكم بمختلف درجاتها ومواقعها الجغرافية يأتي بهدف بحث الحلول الممكنة للتعامل مع العبء القضائي، والمساهمة في تسريع إجراءات التقاضي وتحسين جودة الخدمات المقدمة لجمهور المتقاضين.

    وأوضح أن انعقاد هذا اللقاء يشكّل خطوة مهمة نحو تعزيز منظومة العدالة في فلسطين، وفرصة لتوحيد الجهود في مواجهة التحديات المتراكمة، مشيرًا إلى أهمية العمل المشترك مع بعثة الشرطة الأوروبية في تطوير الأداء القضائي ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

    وأضاف العويوي أن الظروف المركّبة التي مرت بها فلسطين خلال السنوات الماضية من جائحة كورونا والاغلاقات، إلى إضرابات المحامين، وصولًا إلى اعتداءات الاحتلال المستمرة على الضفة الغربية، إلى جانب الآثار التي تركتها الحرب على غزة، كل ذلك أدى إلى زيادة ملموسة في حجم القضايا وتعقيد إدارتها، ما يجعل هذه الورشة خطوة أساسية لفهم التحديات ووضع حلول عملية قابلة للتطبيق لمعالجة التراكم القضائي وضمان استمرارية العدالة.

    وأشار العويوي إلى أن المجلس نفّذ جملة من الإصلاحات لتسريع إجراءات التقاضي، أبرزها التوصية بإقرار تعديلات تشريعية وإدخال التبليغ الإلكتروني، إلى جانب العمل على تعديل قانون الإجراءات الجزائية، مؤكدًا التزام المجلس بمتابعة مخرجات الورشة وتطوير منظومة قضائية أكثر كفاءة ومرونة، مع توجيه الشكر للقضاة على جهودهم المتواصلة رغم الظروف الضاغطة التي يمرون بها.

    من جهتها أكدت رئيسة بعثة الشرطة الأوروبية في فلسطين، كارين ليمديل على الشراكة الراسخة والايجابية بين بعثة الشرطة الأوروبية ومجلس القضاء الأعلى ودعم جهود الارتقاء بكفاءة القضاء الفلسطيني وتعزيز الأداء، وأشارت بأن ورشة “الاختناق القضائي: واقع وتحديات وحلول” تتيح فرصة مهمة لمراجعة حجم العمل في المحاكم النظامية خلال الأعوام 2023–2025، وتشخيص أسباب تراكم القضايا ومناقشة تحديات توزيع العمل ونقص الكوادر والثغرات الإلكترونية.

    وأكدت ليمديل أن تراكم القضايا ليس ظاهرة محلية فقط، بل تحديًا عالميًا دفع العديد من الدول لاعتماد إجراءات فعّالة كالرقمنة والمحاكمة السريعة، ولا بأس بالاستفادة فلسطينيا من هذه الإجراءات ما إذا كانت مفيدة وبالإمكان مواءمتها مع الواقع الفلسطيني.

    وجرى خلال هذه الفعالية عرض دراسة أجرتها الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، لرصد واقع العبء القضائي بين العامين 2023–2025، ووضع مجموعة من المقترحات والحلول العملية والبناءة، بالإضافة إلى تحديد الأدوات التكنولوجية التي بالإمكان الاستفادة منها من أجل التخفيف من حجم الاختناق القضائي في محاكم الضفة الغربية.

    وسلطت الورشة أيضا الضوء على واقع الاختناق القضائي والتحديات التي تواجه عمل محاكم التسوية، التي انضمت مؤخرا إلى مظلة مجلس القضاء الأعلى، وتناولت أبرز المعيقات والاحتياجات التطويرية للتخفيف من العبء في هذا الملف.

    كما تم فتح باب النقاش للسادة القضاة ورؤساء المحاكم لعرض التحديات التي تواجههم في العمل القضائي في المحاكم المختلفة، وطرح رؤيتهم لمواجهة تلك التحديات والخروج بحلول عملية مقترحة

    كما استعرض الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى، القاضي محمد عياد العجلوني، جهود لجنة الإدارات القضائية في معالجة التراكم القضائي وتحسين آليات توزيع الملفات داخل المحاكم.

    وقدم رئيس دائرة التفتيش القضائي القاضي فراس مسودة ومسؤولة الرقابة الالكترونية في الوحدة، القاضي مي أبو شنب عرضاً حول دور التفتيش القضائي والرقابة الإلكترونية في ضبط الأداء ورفع مستوى الشفافية وذلك لتعزيز فاعلية العمل القضائي.

    وشهدت الورشة عرضًا تقنيًا قدّمه المهندس مراد رمان حول برنامج إدارة سير الدعاوى “الميزان “3، تضمن بيانات ونسب إنجاز أظهرت أثر تطبيق النظام على تسريع الفصل وتقليل التراكم.

    وخرجت الورشة بمجموعة من التوصيات، ركزت على تصنيف القضايا المتراكمة، توحيد الاجتهادات القضائية، تطوير الكادر القضائي والإداري، وتعزيز التحول الرقمي في المحاكم، إلى جانب الإسراع في إصدار التشريعات اللازمة لتسهيل الفصل وتنفيذ الأحكام بفاعلية.

    في ختام الورشة قدم رئيس المجلس شكره الخالص لجميع القضاة والإدارات على الجهد الكبير الذي يبذلونه من مواقعهم، كما أكد على أن الالتزام بهذه التوصيات ليس مجرد تحسين للإجراءات اليومية، بل هو واجب وطني، يضمن تعزيز ثقة المواطن بالعدالة، ويخدم مصلحة فلسطين العليا، ويعزز مكانة منظومتنا القضائية، ويقوي قدراتها على مواجهة التحديات المستقبلية بكفاءة واحترافية.

    Latest articles

    spot_imgspot_img

    Related articles

    spot_imgspot_img