كشفت صور أقمار صناعية حديثة عن مواصلة الاحتلال الصهيوني عمليات تدمير منهجي وواسع النطاق للمباني في مناطق خاضعة لسيطرته في قطاع غزة، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأظهرت صور التقطها قمر صناعي تابع لشركة «بلانيت لابس» خلال الأسبوع الماضي، تسوية مئات المباني بالأرض في حي الشجاعية شرق مدينة غزة وحده، باستخدام آليات هندسية ثقيلة، مع امتداد عمليات التدمير على مساحات تُقدّر بمئات الدونمات شرق ما يُعرف بـ«الخط الأصفر»، الذي أعاد الاحتلال تمركزه عنده عقب وقف إطلاق النار.
وبيّنت مقارنة الصور الحديثة بتلك الملتقطة بعد أيام من سريان وقف إطلاق النار، أن مباني كانت قد تعرضت لأضرار جزئية خلال العدوان جرى تدميرها بالكامل لاحقًا، فيما مُسحت مبانٍ أخرى كانت لا تزال قائمة نسبيًا.
من جهتها، نشرت منظمة «فورنسيك أركيتكتشر» البريطانية تحليلًا لصور الأقمار الصناعية، أفاد بأن الاحتلال أنشأ 13 موقعًا عسكريًا جديدًا على طول «الخط الأصفر» منذ وقف إطلاق النار، يتركز معظمها في شمال القطاع وشرق مدينة خان يونس.
ووفق التحليل، يحتفظ الاحتلال بما مجموعه 48 موقعًا عسكريًا داخل القطاع، إلى جانب توسيع شبكة طرق تربط هذه المواقع بأراضي عام 1948، وشق طريق جديد في خان يونس، مع توسيع نطاق التدمير وإزالة الأنقاض في مدينة رفح.
كما أظهرت الصور إقامة مجمعات خيام جديدة في خمس مناطق داخل القطاع، تضم كل منها عشرات إلى مئات الخيام لإيواء النازحين، من بينها موقعان قرب محور نتساريم جنوب غزة، وثلاثة مواقع شمال المدينة قرب الساحل.
ووفق مصادر فلسطينية، كان يقيم نحو مليون فلسطيني قبل الحرب في المناطق التي باتت خاضعة لسيطرة الاحتلال، خاصة شرق غزة وخان يونس ورفح، ولا يزالون محرومين من العودة إلى منازلهم، ما يضطرهم للعيش في خيام ومراكز إيواء مؤقتة، إلى جانب مئات الآلاف ممن دُمّرت مساكنهم كليًا أو جزئيًا.
وأكد مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، في تقرير صدر في أكتوبر الماضي، أن 81% من المباني والبنية التحتية في قطاع غزة تعرضت لتدمير جزئي أو كلي خلال الحرب، حيث دُمّر 123,464 مبنى بالكامل، وتضرر 12,116 مبنى بأضرار جسيمة، فيما لحقت أضرار متوسطة بـ33,857 مبنى.
ومع تساقط الأمطار مؤخرًا، انهارت مبانٍ متضررة، ما أدى إلى سقوط شهداء، بينهم خمسة أشخاص في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
وغيّر الاحتلال نمط التدمير خلال العدوان، إذ انتقل من القصف الناتج عن العمليات العسكرية المباشرة إلى تدمير منظم باستخدام مقاولين مدنيين، لا سيما بعد احتلال رفح في أيار/مايو 2024، ما أسفر عن محو شبه كامل للمباني في رفح وعبسان وخربة خزاعة وجباليا ومناطق أخرى.
كما طالت عمليات التدمير نحو 80% من الدفيئات الزراعية، و87% من الأراضي الزراعية، و80% من الطرق، مخلّفة قرابة 61 مليون طن من الأنقاض.
وذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية، التي نشرت التقرير، أن المتحدث باسم الجيش الصهيوني رفض التعليق على المعطيات الواردة فيه.




