يلجأ غالبية سكان قرى المنطقة الحدودية في جنوب لبنان لخيار العيادات الطبية النقالة للحصول على الرعاية الطبية، خياراً “أكثر أماناً وأقل تكلفة”، رغم ترميم عدد كبير من المستشفيات في المنطقة بعد نحو عام على وقف النار المهتز مع الاحتلال الإسرائيلي. وغالباً ما تكون هذه المعاينات والأدوية التي يتمّ توزيعها مجانية.
يقول محمد، وهو أحد أبناء بلدة بيت ليف الجنوبية، إن “العيادات النقالة، التابعة للصليب الأحمر ومؤسسة كاريتاس الخيرية والكتيبة الفرنسية في “اليونيفل” وغيرها الكثير، باتت توجد في البلدة بشكل شبه أسبوعي لتأمين الطبابة الأولية للسكان هناك”.
ويضيف: “الإقبال كثيف، فأبناء البلدة ينتظرون هذه العيادات النقالة لتلقي العلاج اللازم”، موضحاً أن السبب يعود إلى “تردي الأوضاع الاقتصادية من جهة، وعدم توافر مركز طبي في البلدة أو أقله طبيب عند حدوث طارئ”، علماً أن المراكز الطبية والمستشفيات الكبرى تبعد قليلاً عن بعض القرى والبلدات.
يعود هذا الخيار إلى أمرين، أولهما التكلفة المادية التي تترتب على المرضى حين يزورون مراكز طبية خاصة أو حتى مستشفيات حكومية، في وقت يقول أبناء المنطقة الحدودية إنهم لا يمتلكون حتى ثمن الدواء، على خلفية تراجع النشاط الاقتصادي وانقلاب حياتهم رأساً على عقب بعد الحرب… أما السبب الآخر فيعود إلى ضرورات أمنية؛ إذ تترتب على الانتقال إلى المدن المحيطة بالقرى، مخاطر جمّة، بسبب الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، فضلاً عن المناطق تكون مقفرة وموحشة ومخيفة، خصوصاً خلال ساعات الليل.
نزوح 9500 عائلة
يعيش الناس ظروفاً حياتية صعبة للغاية لعدد كبير منهم، ويبلغ عدد العائلات المقيمة راهناً في بلدات الحافة الأمامية والخلفية، وعددها 40 بلدة، 7521 عائلة من أصل 17106 عائلات كانت تسكن سابقاً هناك، ما يعني نزوح 9585 عائلة، وفق ما يؤكده رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر. ويشير إلى أن “المجلس عمل على ترميم المستشفيات في الجنوب التي كانت قد تضررت بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، حتّى عادت إلى العمل”.
ترميم المستشفيات
عن الواقع الصحي في المنطقة الحدودية، تقول مصادر: “بعد نحو عام على انتهاء الحرب، تمّ تجهيز كلّ المستشفيات الحكومية بشكل سريع وإعادة تشغيلها، لتقديم الرعاية الطبية للناس”؛ إذ شكّلت أولوية لدى الوزارة “كونها تحتوي على أقسام مختلفة من طوارئ وعمليات ومختبرات وكلّ ما يحتاج إليه المرضى، وهي كانت قد تضررت جراء الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة هناك”.
وتضيف المصادر: “أما المراكز الطبية، فقد تمّ تدمير بعضها بشكل كلي، مثل المركز الطبي في صديقين والخيام والطيبة وقبريخا وشقرا، ولكن غالبيتها تقع على مقربة من مستشفيات حكومية، وبالتالي كان هناك البديل الطبي المتاح لأبناء هذه القرى والبلدات”، علماً أن تدميراً جزئياً أصاب بعض المراكز الطبية الأخرى وقد تمّت إعادة تأهيلها على الفور مثل المركز الطبي في الخيام.
وعن العيادات النقالة التي باتت تؤدي دوراً مهماً في قرى جنوبية حدودية عدّة، تُعلق المصادر: “نحن ندعم وجود هذه العيادات، بالدور الذي تقوم به، من خلال تقديم المساعدة الطبية للناس وبشكل مجاني”. وخلال الأسبوع الماضي، أطلقت وزارة الصحة خطتها لتجهيز كل المستشفيات الحكومية في لبنان، بما فيها تلك الجنوبية بتمويل من البنك الدولي.
الحرب وظروف أخرى
ترى فاتن طاهر، وهي واحدة من السكان، أن وجود هذا المركز مهم للغاية، تقول: “نحن معرَّضون، أنا وأفراد عائلتي ووالدة زوجي للمرض… وبسبب قلة الخيارات المتاحة، يُعدّ المركز خياراً جيداً”، وتضيف: “يوفر لنا معاينات أسبوعية مجانية. كذلك نحصل أحياناً كثيرة على أدوية مزمنة”.




